[2- زوال الحكومة:]
وأمّا الركن الثاني للشيوعيّة (زوال الحكومة) فهو أطرف ما في الشيوعيّة من طرائف. وتقوم الفكرة فيه على أساس رأي المادّية التاريخيّة في تفسير الحكومة القائل: بأنّ الحكومة وليدة التناقض الطبقي؛ لأنّها الهيئة التي تخلقها الطبقة المالكة لإخضاع الطبقة العاملة لها. ففي ضوء هذا التفسير لا يبقى للحكومة أيّ مبرّر في مجتمع لا طبقي بعد أن يتخلّص من كلّ آثار الطبقيّة وبقاياها، ويصبح من الطبيعي أن تتلاشى الحكومة تبعاً لزوال الأساس التاريخي لها.
ومن حقّنا أن نتساءل عن هذا التحوّل الذي ينقل التاريخ من مجتمع الدولة إلى مجتمع متحرّر منها، من المرحلة الاشتراكيّة إلى المرحلة الشيوعيّة:
كيف يتمّ هذا التحوّل الاجتماعي؟ وهل يحصل بطريقة ثوريّة وانقلابيّة فينتقل المجتمع من الاشتراكيّة إلى الشيوعيّة في لحظة حاسمة كما انتقل من الرأسماليّة إلى الاشتراكيّة، أو أنّ التحوّل يحصل بطريقة تدريجيّة فتذبل الدولة وتتقلّص حتّى تضمحلّ وتتلاشى؟
فإذا كان التحوّل ثوريّاً آنيّاً، وكان القضاء على حكومة البروليتاريا سيتمّ عن طريق الثورة فمن هي الطبقة الثائرة التي سيتمّ على يدها هذا التحوّل؟ وقد علّمتنا الماركسيّة أنّ الثورة الاجتماعيّة على حكومة إنّما تنبثق دائماً من الطبقة التي لا تمثّلها تلك الحكومة، فلا بدّ إذن في هذا الضوء أن يتمّ التحوّل الثوري إلى الشيوعيّة على أيدي غير الطبقة التي تمثّلها الحكومة الاشتراكيّة، وهي طبقة البروليتاريا، فهل تريد الماركسيّة أن تقول لنا: إنّ الثورة الشيوعيّة تحصل على أيدي رأسماليّين مثلًا؟!
وإذا كان التحوّل من الاشتراكيّة وزوال الحكومة تدريجيّاً فهذا يناقض- قبل كلّ شيء- قوانين الديالكتيك التي ترتكز عليها الماركسيّة، فإنّ قانون