من موارد ومعادن وأنهار.
ومن سوء الحظّ أنّ قادة التجربة الماركسيّة حاولوا أن يخلقوا الجنّة الموعودة على الأرض ففشلوا، وظلّت التجربة تتأرجح بين الاشتراكيّة والشيوعيّة، حتّى أعلنت بصراحة عجزها عن تحقيق الشيوعيّة بالفعل، كما تعجز كلّ تجربة تحاول اتّجاهاً خياليّاً يتناقض مع طبيعة الإنسان. فقد اتّجهت الثورة الاشتراكيّة في بادئ الأمر اتّجاهاً شيوعيّاً خالصاً، إذ حاول لينين أن يكون كلّ شيء شائعاً بين المجموع، فانتزع الأرض من أصحابها، وجرّد الفلّاحين من وسائل إنتاجهم الفرديّة، فتمرّد الفلّاحون وأعلنوا إضرابهم عن العمل والإنتاج، فنشأت المجاعة الهائلة التي زعزعت كيان البلاد، وأرغمت السلطة على العدول عن تصميمها، فردّت للفلّاح حقّ التملّك، واستعادت البلاد حالتها الطبيعيّة، إلى أن جاءت سنة (28- 30) فحدث انقلاب آخر اريد به تحريم الملكيّة من جديد، فاستأنف الفلّاحون ثورتهم وإضرابهم، وأمعنت الحكومة في الناس قتلًا وتشريداً، وغصّت السجون بالمعتقلين، وبلغت الضحايا- على ما قيل- مئة ألف قتيل باعتراف التقارير الشيوعيّة، وأضعاف هذا العدد في تقدير أعدائها. وراح ضحيّة المجاعة الناجمة عن الإضراب والقلق سنة (1932 م) ستّة ملايين نسمة باعتراف الحكومة نفسها، فاضطرّت السلطة إلى التراجع، وقرّرت منح الفلّاح شيئاً من الأرض وكوخاً وبعض الحيوانات للاستفادة منها على أن تبقى الملكيّة الأساسيّة للدولة، وينضمّ الفلّاح إلى جمعيّة (الكلخوز الزراعيّة الاشتراكيّة)[1] التي تتعهّدها الدولة، وتستطيع أن تطرد أيّ عضو منها متى شاءت.
[1] راجع تاريخ الملكيّة: 123- 126، والملكيّة في النظام الاشتراكي: 391- 395