أيضاً في طريق نجاح المناهج الحديثة للاقتصاد الاوروبي إذا طبّقت في العالم الإسلامي، وهو التناقض بين هذه المناهج والعقيدة الدينية التي يعيشها المسلمون.
وهنا لا اريد أن أتحدّث عن هذا التناقض لكي اقارن بين وجهة النظر الدينية ووجهة النظر التي تتبنّاها تلك المناهج واحاول أن افضّل الاولى على الثانية- أي أ نّي لا اريد أن أبحث هذا التناقض بحثاً عقائدياً مذهبياً- وإنّما احاول إبراز هذا التناقض بين مناهج الإنسان الاوروبي والعقيدة الدينية للإنسان المسلم بوصفها قوّة تعيش داخل العالم الإسلامي بقطع النظر عن أيّ تقييم لها؛ فإنّ هذه القوّة مهما قدّرنا لها من تفكّك وانحلال نتيجة لعمل الاستعمار ضدّها في العالم الإسلامي لا يزال لها أثرها الكبير في توجيه السلوك وخلق المشاعر وتحديد النظرة نحو الأشياء.
وقد عرفنا قبل لحظات أنّ عملية التنمية الاقتصادية ليست عملية تمارسها الدولة وتتبنّاها وتشرّع لها فحسب، وإنّما هي عملية يجب أن تشترك فيها وتساهم بلون وآخر الامّة كلّها. فإذا كانت االامّة تحسّ بتناقض بين الإطار المفروض للتنمية وبين عقيدة لا تزال تعتزّ بها وتحافظ على بعض وجهات نظرها في الحياة فسوف تحجم بدرجة تفاعلها مع تلك العقيدة عن العطاء لعملية التنمية والاندماج في إطارها المفروض.
وخلافاً لذلك لا يواجه النظام الإسلامي هذا التعقيد، ولا يمنى بتناقض من ذلك القبيل، بل إنّه إذا وضع موضع التطبيق سوف يجد في العقيدة الدينية سنداً كبيراً له وعاملًا مساعداً على إنجاح التنمية الموضوعة في إطاره؛ لأنّ أساس النظام الإسلامي أحكام الشريعة الإسلامية، وهي أحكام يؤمن المسلمون عادة بقدسيّتها وحرمتها ووجوب تنفيذها بحكم عقيدتهم الإسلامية وإيمانهم بأن