هذه الفاعلية نتيجة للمنهج الاقتصادي فحسب لكي تتوفّر متى اتبع نفس المنهج، بل قد تكون الفاعلية ناتجة عن المنهج باعتباره جزءاً من كلّ مترابط وحلقة من تأريخ، فإذا عزل المنهج عن إطاره وتأريخه لم تكن له تلك الفاعلية ولا تلك الثمار.
ومن خلال دراسة مقارنة للمذاهب الاقتصادية المتعدّدة وإمكانات نجاحها عملياً في العالم الإسلامي يجب إبراز حقيقة أساسية يرتبط بها تقدير الموقف إلى درجة كبيرة، وهي أنّ حاجة التنمية الاقتصادية إلى منهج اقتصادي ليست مجرّد حاجة إلى إطار من اطر التنظيم الاجتماعي تتبنّاه الدولة فحسب لكي يمكن أن توضع التنمية ضمن هذا الإطار أو ذاك بمجرّد تبنّي الدولة له والتزامها به، بل لا يمكن للتنمية الاقتصاديّة والمعركة ضدّ التخلّف أن تؤدّي دورها المطلوب إلّا إذا اكتسبت إطاراً يستطيع أن يدمج الامّة ضمنه، وقامت على أساس يتفاعل معها. فحركة الامّة كلّها شرط أساسي لإنجاح أيّ تنمية وأيّ معركة شاملة ضدّ التخلّف؛ لأنّ حركتها تعبير عن نموّها ونموّ إرادتها وانطلاق مواهبها الداخلية، وحيث لا تنمو الامّة لا يمكن أن تمارس عملية تنمية، فالتنمية للثروة الخارجية والنموّ الداخلي للُامّة يجب أن يسيرا في خطّ واحد.
وتجربة الإنسان الاوروبي الحديث هي بالذات تعبير تأريخي واضح عن هذه الحقيقة؛ فإنّ مناهج الاقتصاد الاوروبي كإطارات لعملية التنمية لم تسجّل نجاحها الباهر على المستوى المادّي في تأريخ اوروبا الحديث إلّابسبب تفاعل الشعوب الاوروبية مع تلك المناهج وحركتها في كلّ حقول الحياة وفقاً لاتجاه تلك المناهج ومتطلّباتها واستعدادها النفسي المتنامي خلال تأريخ طويل لهذا الاندماج والتفاعل.
فحين نريد أن نختار منهجاً أو إطاراً عاماً للتنمية الاقتصادية داخل العالم