ويعتمد كلّ من الاتجاهين في تفسيره لما يمنى به من فشل في مجال التطبيق على الظروف المصطنعة التي يخلقها المستعمرون في المنطقة لكي يعرقلوا فيها عمليات النموّ، ولا يسمح لنفسه على أساس ذلك أن يفكّر حين الإحساس بالفشل في أيّ منهج بديل للشكلين التقليديين اللذين اتّخذتهما التجربة الاوروبية الحديثة في الغرب والشرق بالرغم من وجود بديل جاهز لا يزال يعيش نظرياً وعقائدياً في حياة الامّة وإن كان منعزلًا عن مجال التطبيق، وهو المنهج الإسلامي والنظام الاقتصادي في الإسلام.
وأنا لا اريد هنا أن اقارن بين الاقتصاد الإسلامي والاقتصادين الرأسمالي والاشتراكي من وجهة نظر اقتصادية مذهبية؛ فإنّ هذا ما أتركه للكتاب نفسه فقد قام كتاب (اقتصادنا) بدراسة مقارنة بهذا الصدد، وإنّما اريد أن اقارن بين الاقتصاد الاوروبي بكلا جناحيه الرأسمالي والاشتراكي والاقتصاد الإسلامي من ناحية قدرة كلّ منهما على المساهمة في معركة العالم الإسلامي ضدّ التخلّف الاقتصادي، ومدى قابلية كلّ واحد من هذه المناهج ليكون إطاراً لعملية التنمية الاقتصادية.
ونحن حين نخرج من نطاق المقارنة بين هذه المناهج الاقتصادية في محتواها الفكري والمذهبي إلى المقارنة بينها في قابليّتها التطبيقية لإعطاء إطار للتنمية الاقتصادية يجب أن لا نقيم مقارنتنا على أساس المعطيات النظرية لكلّ واحد من تلك المناهج فحسب، بل لا بدّ أن نلاحظ بدقّة الظروف الموضوعية للُامّة وتركيبها النفسي والتأريخي؛ لأنّ الامّة هي مجال التطبيق لتلك المناهج، فمن الضروري أن يدرس المجال المفروض للتطبيق وخصائصه وشروطه بعناية ليلاحظ ما يقدّر لكلّ منهج من فاعلية لدى التطبيق. كما أنّ فاعلية الاقتصاد الحرّ الرأسمالي أو التخطيط الاشتراكي في تجربة الإنسان الاوروبي لا تعني حتماً أن