الإنتاج، ولكان من المنطقي أن تظهر الرأسماليّة الصناعيّة ونتائجها التي تمخّصت عنها في نهاية عهد الإقطاع، كتقسيم العمل الذي أدّى إلى ظهور الآلات في الحياة الصناعيّة.
ولا يبرهن الواقع التاريخي على عدم ظهورها، وعلى عدم مواصلة الرأسماليّة لنموّها فحسب، بل هو يكشف بوضوح أنّ قيام النظام الإقطاعي قضى على الرأسماليّة التجاريّة وخنقها في مهدها نهائيّاً، إذ جعل لكلّ إقطاعيّة حدودها الخاصّة، واقتصادها المغلق القائم على أساس اكتفائها بحاصلاتها الزراعيّة ومنتوجاتها البسيطة، فكان من الطبيعي أن يتلاشى النشاط التجاري، وتزول الرأسماليّة التجاريّة، ويعود المجتمع إلى اقتصاد شبه بدائي من اقتصاديّات البيت.
فهل كان هذا الوضع الاقتصادي الذي مني به المجتمع الروماني بعد دخول الجرمان إليه تعبيراً عن نموّ تاريخي ومواكبةً لمتطلّبات الإنتاج، أو كان نكسة خارجة على قوانين المادّية التاريخيّة وعقبةً في سبيل النموّ المادّي وازدهار الحياة الاقتصادية؟
[4-] وأخيراً وجد المجتمع الرأسمالي
وأخيراً بدأ النظام الإقطاعي يحتضر، بعد أن أصبح مشكلة تاريخيّة وعقبة في وجه الإنتاج تتطلّب حلّاً حاسماً. وكانت الشروط التاريخيّة قد خلقت هذا الحلّ ماثلًا في الرأسماليّة التي برزت على المسرح الاجتماعي لتواجه النظام الإقطاعي بوصفها النقيض التاريخي له الذي نما في ظلّه، حتّى إذا اكتمل نموّه قضى عليه وكسب المعركة. وهكذا يصف لنا ماركس نشوء المجتمع الرأسمالي بقوله:
«لقد خرج النظام الاقتصادي الرأسمالي من أحشاء