العبودي والإقطاعي معاً، ولم تتغيّر العلاقات العبوديّة إلى إقطاعيّة نتيجة لأيّ تطوّر أو تجديد في القوى المنتجة السائدة، التي كانت لا تعدو مجالات الزراعة والخدمة اليدويّة، ومعنى ذلك: أنّ التكوين الاجتماعي العبودي قد مات قبل أن تتطوّر القوى المنتجة، خلافاً لتأكيد ماركس الآنف الذكر.
وفي مقابل ذلك نجد أنّ أشكالًا متعدّدة من الإنتاج ودرجات مختلفة تخطّتها القوى المنتجة خلال آلاف السنين دون أن يحصل أيّ تحوّل في الكيان الاجتماعي باعتراف الماركسيّة نفسها. فالإنسان البدائي كان يستعين في إنتاجه بالأحجار الطبيعيّة، ثمّ استعان بأدوات حجريّة، وبعد ذلك استطاع أن يكتشف النار وأن يصنع الفؤوس والحراب، ثمّ تطوّرت قوى الإنتاج، فظهرت الأدوات المعدنيّة والسهام والأقواس، ثمّ ظهر الإنتاج الزراعي في حياة الإنسان وبعده الإنتاج الحيواني. وقد تمّت هذه التحوّلات الكبرى في أشكال الإنتاج، وتتابعت تطوّراته في المجتمع البدائي بالتسلسل الذي ذكرناه أو بتسلسل آخر دون أن تواكبها تحوّلات اجتماعيّة وتطوّرات في العلاقات العامّة باعتراف الماركسيّة نفسها؛ إذ أ نّها تؤمن بأنّ النظام السائد في المجتمع البدائي الذي حدثت خلاله كلّ تلك التطوّرات كان هو الشيوعيّة البدائيّة.
فإذا كان من الممكن أن تتطوّر أشكال الإنتاج والشكل الاجتماعي ثابت كما في المجتمع البدائي مثلًا، وكان من الممكن أن تتطوّر الأشكال الاجتماعيّة وشكل الإنتاج ثابت كما رأينا في المجتمع العبودي والإقطاعي فما هي الضرورة التي تدعو إلى التأكيد على أنّ كلّ تكوين اجتماعي يرتبط بشكل معيّن ودرجة خاصّة من الإنتاج؟! ولماذا لا تقول الماركسيّة: إنّ النظام الاجتماعي إنّما هو حصيلة الأفكار العمليّة التي يحصل عليها الإنسان خلال تجربته الاجتماعيّة للعلاقات التي يشترك فيها مع الآخرين؟ كما أنّ أشكال الإنتاج حصيلة الأفكار