3- المجتمع الإقطاعي
ونشأ المجتمع الإقطاعي بعد ذلك نتيجة للتناقضات التي كانت تعمل في المجتمع العبودي، وأساس هذه التناقضات التنافس بين علاقات النظام العبودي ونموّ القوى المنتجة؛ إذ أصبحت تلك العلاقات بعد فترة طويلة من حياة المجتمع العبودي عائقة عن نموّ الإنتاج، وعقبة في سبيله من ناحيتين:
إحداهما: أ نّها فسحت المجال أمام الأسياد لاستغلال العبيد- بوصفهم القوّة المنتجة- استغلالًا وحشيّاً، فتهاوى آلاف العبيد في ميدان العمل بسبب ذلك، الأمر الذي كلّف الإنتاج نقصاً كبيراً في قواه المنتجة المتمثّلة في اولئك العبيد.
والاخرى: أنّ تلك العلاقات حوّلت بالتدريج أكثر الأحرار من الفلّاحين والحرفيّين إلى عبيد، ففقد المجتمع بسبب ذلك جيشه وجنوده الأحرار، الذين كان المجتمع يحصل عن طريق غزواتهم المتلاحقة على سيل مستمرّ من العبيد المنتجين، وهكذا أدّى النظام العبودي إلى التبذير بالقوى المنتجة الداخليّة والعجز عن استيراد قوى منتجة جديدة عن طريق الغزو والأسر، وقام لأجل هذا التناقض الشديد بينه وبين قوى الإنتاج، فتقوّض المجتمع العبودي، وخلفه النظام الإقطاعي.
وتغفل الماركسيّة في هذا العرض عدّة نقاط جوهريّة في الموضوع:
فأوّلًا: أنّ تحوّل المجتمع الروماني مثلًا من النظام العبودي إلى الإقطاع لم يكن تحوّلًا ثوريّاً منبثقاً عن صراع الطبقة المحكومة كما يفرضه المنطق الديالكتيكي للمادّية التاريخيّة.
وثانياً: أنّ هذا التحوّل الاجتماعي والاقتصادي لم يسبقه أيّ تطوّر في