والثروة بين أفراد المجتمع: أنّ جماعة حوّلت أسرى الحرب إلى عبيد، وصارت تربح بسبب ذلك النتاج الفائض عن حاجتهم الضروريّة حتّى أثرت، واستطاعت نتيجة لثروتها أن تستعبد أعضاء القبيلة الذين تجرّدوا من أموالهم وأصبحوا مدينين[1].
وكلا هذين الأمرين لا يتّفقان مع وجهة نظر المادّية التاريخيّة.
أمّا الأوّل: فلأ نّه يؤدّي إلى اعتبار العامل السياسي عاملًا أساسيّاً، والعامل الاقتصادي عاملًا ثانويّاً منبثقاً عنه؛ لأنّه يفترض أنّ المكانة السياسيّة التي كان القوّاد ورجال الدين والرؤساء يتمتّعون بها في المجتمع الشيوعي اللاطبقي هي التي شقّت لهم الطريق إلى الإثراء وإيجاد ملكيات خاصّة، فالظاهرة الطبقيّة إذن وليدة الكيان السياسي، وليس العكس كما تقرّر المادّية التاريخية.
وأمّا السبب الثاني- الذي فسّرت به الماركسيّة تفاوت الثروات- فهو لا يتقدّم في حلّ المشكلة إلّاخطوة واحدة؛ إذ يعتبر أنّ استرقاق السادة للعبيد من أبناء القبيلة قد سبقه تاريخيّاً استرقاق اولئك السادة لأسرى الحرب وإثراؤهم على حساب هؤلاء الأسرى، وأمّا لماذا هيّأت الفرص لُاولئك السادة بالذات دون غيرهم من أعضاء القبيلة استرقاق الأسرى؟ فهذا ما لا تحاول الماركسيّة تفسيره؛ لأ نّها لا تجد تفسيره في القوى المنتجة، وإنّما يمكن تفسيره تفسيراً إنسانيّاً على أساس الفوارق والكفاءات المتفاوتة: البدنية والفكرية والعسكرية، التي يولد الناس وهم يختلفون في حظوظهم منها، طبقاً لظروفهم وشروطهم النفسيّة والفسيولوجيّة والطبيعيّة …
[1] تطوّر الملكيّة الفرديّة: 33