وسلوك أوفر الطرق راحةً إلى غايته. فلا يواجه سبيلين أمامه إلى غاية واحدة إلّا اختار أقلّهما جهداً، وليس هذا الميل الأصيل نتاجاً لوسائل الإنتاج، وإنّما هو نتاج تركيبه الخاصّ. ولذلك ظلّ هذا الميل ثابتاً بالرغم من تطوّر الإنتاج خلال آلاف السنين. كما أ نّه ليس نتاجاً للمجتمع، بل إنّ تكوّن المجتمع إنّما كان بسبب هذا الميل الطبيعي في الإنسان؛ إذ رأى أنّ التكتّل أقلّ الأساليب جهداً لمقاومة الطبيعة واستثمارها.
وهذا الميل الطبيعي هو الذي أوحى إلى الإنسان بفكرة استعباد الآخرين بصفته أضمن الطرق لراحته وأقلّها تكليفاً له.
وعلى هذا فليست قوى الإنتاج هي التي صنعت للإنسان الاجتماعي النظام العبودي أو دفعته في هذا السبيل، وإنّما هي التي هيّأت له الظروف الملائمة للسير وفقاً لميله الطبيعي. فمثلها في ذلك نظير من يعطي شخصاً سيفاً فينفّس هذا الشخص عن حقده ويقتل به عدوّه، فلا يمكننا أن نفسّر حادثة القتل هذه على أساس السيف فحسب، وإنّما نفسّرها- قبل ذلك- في ضوء المشاعر الخاصّة التي كانت تختلج في نفس القاتل، إذ لم يكن تسليم السيف إليه يدفعه إلى ارتكاب الجريمة لولا تلك المشاعر التي ينطوي عليها.
ونلاحظ في هذا المجال أنّ الماركسيّة تلتزم الصمت إزاء سبب آخر كان من الطبيعي أن يكون له أثره الكبير في القضاء على الشيوعيّة وتطوير المجتمع إلى سادة وعبيد، وهو ما أدّت إليه الشيوعيّة من ركون الكثرة الكاثرة من أفراد المجتمع إلى الدعة والكسل والانصراف عن مواصلة الإنتاج وتنميته، حتّى كتب (لوسكيل) عن بعض القبائل الهنديّة يقول:
«إنّهم من الكسل بحيث لا يزرعون شيئاً بأنفسهم، بل يعتمدون كلّ الاعتماد على احتمال أنّ غيرهم لن يرفض أن