العبيد على العمل المتواصل، وهكذا نشأ النظام العبودي.
وقد بدأ النظام العبودي أوّل ما بدأ باستعباد الأسرى الذين كانت القبيلة تربحهم في غاراتها، وقد اعتادت قبلًا أن تقضي عليهم؛ لأنّها لم تكن تجد مصلحة في إبقائهم وإعالتهم، وبعد تطوّر الإنتاج أصبح من المصلحة الاقتصادية للقبيلة استبقاؤهم واسترقاقهم؛ لأنّهم ينتجون أكثر ممّا يأكلون، وهكذا تحوّل أسرى الحرب إلى عبيد، ونتيجة لإثراء اولئك الذين استخدموا العبيد أخذ هؤلاء الأثرياء يستعبدون أعضاء قبيلتهم، وانقسم المجتمع إلى سادة وعبيد، واستطاع الإنتاج أن يواصل ارتقاءه خلال هذا الانقسام وبفضل النظام العبودي الجديد.
ونحن إذا دقّقنا في هذا استطعنا أن نتبيّن من خلال التفسير الماركسي نفسه أنّ المسألة هي مسألة الإنسان قبل أن تكون مسألة وسائل الإنتاج؛ لأنّ نموّ القوى المنتجة لم يكن يتطلّب إلّامزيداً من العمل البشري، وأمّا الطابع الاجتماعي للعمل فليس له علاقة بنموّها، فكما أنّ العمل الكثير العبودي ينمّي الإنتاج كذلك العمل الكثير الحرّ، فلو أنّ أفراد المجتمع قرّروا جميعاً مضاعفة جهودهم في الإنتاج وتقسيم النتاج بعد ذلك بالتساوي لضمنوا بذلك للقوى المنتجة نموّها الذي حقّقه المجتمع العبودي، بل لنما الإنتاج كيفيّاً ونوعيّاً أكثر ممّا نما بممارسة العبيد؛ لأنّ العبد يعمل بيأس، ولا يحاول أن يفكّر أو يكتسب خبرة في سبيل تحسين الإنتاج، على العكس من الأحرار المالكين المتضامنين في العمل.
فنموّ القوى المنتجة إذن لم يكن يتوقّف على الطابع العبودي للعمل، وإنّما كان يتوقّف على مضاعفة العمل، فلماذا إذن ضاعف الإنسان الاجتماعي العمل عن طريق تحويل نصف المجتمع إلى عبيد، ولم يحقّق ذلك عن طريق الاتّفاق الحرّ بين الجميع على مضاعفة العمل؟! إنّ الجواب على هذا السؤال لا نجده إلّا في الإنسان نفسه وفي ميوله الطبيعيّة، فهو ميّال بطبيعته إلى الاقتصاد في العمل،