إنتاج الآخرين دون أن يتهدّدهم خطر الجوع والحرمان؟! فهل الاشتراك الاجتماعي في عمليّات الإنتاج يفرض توزيع الإنتاج على غير المشتركين في الإنتاج أيضاً؟ وإذا كان البدائيّون قد حرصوا أوّل الأمر على طريقة المساواة لئلّا يموت أحدهم جوعاً فيخسرون بذلك عوناً في عمليّات الإنتاج الجماعي فلماذا حرصوا على إعالة الكسالى الذين لا يخسرون بفقدهم شيئاً؟!
ما هو نقيض المجتمع الشيوعي؟
إنّ المجتمع الشيوعي البدائي منذ ولد كان في رأي الماركسيّة يخفي في أحشائه تناقضاً أخذ ينمو ويشتدّ حتّى قضى عليه، وليس هذا التناقض طبقيّاً؛ لأنّ المجتمع الشيوعي طبقة واحدة، وليس فيه طبقتان متناقضتان، وإنّما هو التناقض بين العلاقات الشيوعيّة في الملكيّة وقوى الإنتاج حين تأخذ بالنموّ، حتّى تصبح العلاقات الشيوعية معيقة لها عن نموّها، ويكون الإنتاج عندئذٍ بحاجة إلى علاقات جديدة يستطيع أن يواصل نموّه ضمنها.
أمّا كيف ولماذا تصبح العلاقات الشيوعيّة معيقة لقوى الإنتاج عن نموّها؟! فهذا ما تشرحه الماركسيّة قائلة: إنّ ارتقاء القوى المنتجة جعل في إمكان الفرد أن ينال من عمله في تربية الماشية والزراعة من وسائل المعيشة ما يزيد عمّا يلزمه للمحافظة على حياته، وبذلك أصبح الفرد قادراً على الاكتفاء بالعمل في جزء محدود من الوقت لإعاشة نفسه، دون أن يبذل كلّ طاقاته العمليّة. فكان لا بدّ- لكي تجنّد كلّ الطاقات العمليّة لصالح الإنتاج كما تتطلّبه القوى المنتجة في ارتقائها ونموّها- أن تخلق قوّة اجتماعيّة جديدة تضطرّ المنتجين إلى بذل كلّ طاقاتهم، وحيث إنّ العلاقات الشيوعيّة لا يوجد فيها هذه القوّة أصبح من الضروري استبدال تلك العلاقات بالنظام العبودي الذي يتيح للأسياد أن يرغموا