بالدرجة البدائيّة التي كانت عليها قوى الإنتاج حينئذٍ وظروف الإنتاج السائدة، فإنّ الناس كانوا مضطرّين إلى ممارسة الإنتاج بشكل اجتماعي مشترك والتكتّل في وجه الطبيعة؛ نظراً إلى ما كان عليه الإنسان من ضعف وقلّة حيلة. والاشتراك في الإنتاج يحتّم قيام علاقات الملكيّة الاشتراكيّة، ولا يسمح بفكرة الملكيّة الخاصّة. فالملكيّة إنّما كانت اشتراكيّة لأنّ الإنتاج اشتراكي. ويقوم التوزيع بين أفراد المجتمع على أساس المساواة بسبب من ظروف الإنتاج أيضاً؛ لأنّ المستوى الشديد الانخفاض للقوى المنتجة فرض تقسيم الغذاء الضئيل والسلع البسيطة المنتجة إلى أجزاء متساوية، وكان من المستحيل قيام أيّ طريقة اخرى للتقسيم؛ لأنّ حصول أحد الأفراد على نصيب يزيد على نصيب الآخرين يعني أن يموت شخص آخر جوعاً[1].
بهذه الطريقة تفسّر الماركسيّة شيوعيّة المجتمع البدائي، وتشرح أسباب المساواة السائدة فيه، التي تحدّث عنها (مورغان) بصدد وصف القبائل البدائيّة التي شاهدها تعيش في سهول أمريكا الشماليّة، ورآها تقسّم لحوم الحيوانات إلى أجزاء متساوية توزّع على أفراد القبيلة كلّها.
تقول الماركسيّة هذا في نفس الوقت الذي تناقض ذلك عندما تتحدّث عن أخلاق المجتمع الشيوعي وتمجّد بفضائله، فتنقل عن (جيمس آديررز) الذي درس هنود أمريكا في القرن الماضي: أنّ تلك الجماعات البدائيّة كانت تعتبر عدم تقديم المعونة لمن يحتاجها جريمة كبرى يحتقر مرتكبها، وتنقل عن الباحث (كاتلين): أنّ كلّ فرد في القرية الهنديّة- رجلًا كان أو امرأة أو طفلًا- كان له الحقّ في أن يدخل إلى أيّ مسكن من المساكن ويأكل إن كان جائعاً، بل إنّ اولئك
[1] تطوّر الملكيّة الفرديّة: 14