التاريخ المأثور؟
وقد حاولت الماركسيّة تذليل هذه الصعوبة وتقديم الدليل العلمي على صحّة فهمها لتلك المرحلة المغمورة من حياة المجتمع البشري بالاستناد إلى ملاحظة عدّة مجتمعات معاصرة حكمت عليها الماركسيّة بالبدائيّة، واعتبرتها مادّة علميّة للبحث عمّا قبل عصر التاريخ، بوصفها ممثّلة للطفولة الاجتماعية ومعبّرة عن نفس الحالة البدائية التي مرّت بها المجتمعات البشريّة بصورة عامّة.
ولمّا كانت معلومات الماركسيّة عن هذه المجتمعات البدائية المعاصرة تؤكّد أنّ الشيوعيّة البدائيّة هي الحالة السائدة فيها فيجب إذن أن تكون هي المرحلة الاولى لكلّ المجتمعات البدائيّة في ظلمات التاريخ، وبذلك خيّل للماركسيّة أ نّها وضعت يدها على الدليل المادّي المحسوس.
ولكن يجب أن نعلم قبل كلّ شيء أنّ الماركسيّة لم تتلقّ معلوماتها عن تلك المجتمعات البدائية المعاصرة بصورة مباشرة، وإنّما حصلت عليها عن طريق الأفراد الذين اتّفق لهم الذهاب إلى تلك المجتمعات والتعرّف على خصائصها.
وليس هذا فقط، بل إنّها لم تأخذ بعين الاعتبار إلّاالمعلومات التي تتّفق مع نظريّتها العامّة، واتّهمت كلّ المعلومات التي تتعارض معها بالتحريف والتزوير، وبهذا كانت البحوث الماركسيّة تتّجه إلى انتقاء المعلومات النافعة للنظريّة، وتحكيم النظريّة نفسها في تقدير قيمة المعلومات والأخبار التي تقدّم عن تلك المجتمعات، بدلًا عن تحكيم المعلومات في النظريّة وامتحان النظريّة في ضوئها.
ونستمع بهذه المناسبة إلى كاتب ماركسي كبير يقول:
«وبالقدر الذي نستطيع أن نتوغّل في الماضي نجد أنّ الإنسان كان يعيش في مجتمعات. وممّا يسهّل دراسة المجتمعات البدائيّة القديمة أ نّه ما زالت تسود ظروف