الأوّل: حمل روايات الطهارة على التقية، باعتبار موافقتها مع فتاوى الشافعية[1] والحنابلة[2].
وفيه: أنّ هذين المذهبين قد نشآ في زمانٍ متأخّرٍ عن صدور هذه الروايات، حيث إنّها صادرة عن الصادق عليه السلام، بينما نشأة المذهبين متأخّرة عن زمانه عليه السلام.
وأمّا احتمال كون الفتوى المتأخّرة بالطهارة امتداداً لشيوع ذلك بين فقهاء العامّة المعاصرين للإمام الصادق عليه السلام على نحوٍ يصحّ حينئذٍ معه حمل روايات الطهارة على التقية فيرد عليه:
أوّلًا: أنّ الأمر كان على العكس في أيام الإمام الصادق عليه السلام، فإنّ الحنفيّ والمالكيّ معاً كانا يفتيان بالنجاسة[3].
وثانياً: أ نّه لو لم يمكن التأكّد من واقع الحال في أيام الإمام الصادق عليه السلام لم يكفِ مجرّد احتمال ذلك لإسقاط أخبار الطهارة عن الحجّية؛ لإمكان إجراء استصحاب عدم كونها موافقةً للعامّة ولو بنحو العدم الأزلي.
الثاني: سقوط روايات الطهارة عن الحجّية في نفسها، باعتبار حصول الظنّ الاطمئنانيّ ولو نوعاً على خلافها من اتّفاق علماء الإمامية في تمام العصور والأزمنة على النجاسة، ولم يشذّ عنهم أحد في حدود المنظور من كلماتهم.
وكذلك الاتّفاق العمليّ من المتشرّعة على الاحتراز من المنيّ والتجنّب عنه، حتى
[1] الامّ 1: 55
[2] المحلّى 1: 126 والمغني لابن قدامة 1: 736 وراجع المجموع 2: 554
[3] المحلّى لابن حزم 1: 125- 126