جامع الحرمة، وهو من القسم الثالث من استصحاب الكلّي؛ لأنّه جامع بين فردٍ معلوم الارتفاع وفردٍ مشكوك الوجود من أول الأمر.
والفرق بين هذا الوجه وسابقه: أنّ نكتة امتناع استصحاب شخص الحرمة المتيقّنة سابقاً في ذلك الوجه هو تعدّد الجعل، بقطع النظر عن المعاصرة بين المجعولين، والنكتة هنا: أنّ المعاصرة بين المشكوك والمتيقّن تمنع عن صدق كون أحدهما بقاءً للآخر.
ويرد عليه: أنّ هذا مبنيّ على أن يكون دليل الحرمة الثابتة بعنوان عدم التذكية شاملًا للحيوانات المحرّمة ذاتاً أيضاً، وأمّا إذا قيل باختصاصه بالحيوان الذي يحلّ بالتذكية لوروده في ذلك المورد فلا تحتمل المعاصرة بين الحرمتين، بل يعلم إجمالًا بثبوت إحدى حرمتين على الحيوان المشكوك قبل الذبح: إمّا حرمة بملاك العنوان الذاتي، وإمّا حرمة بملاك عنوان عدم التذكية، وهذا المعلوم الإجماليّ يحتمل بقاؤه؛ لأنّه على تقديرٍ باقٍ، وعلى تقديرٍ مرتفع فيجري استصحابه.
هذا، مضافاً إلى أ نّنا لو التزمنا بشمول دليل الحرمة الثابتة بعنوان عدم التذكية للحيوانات المحرمة ذاتاً فهذا لا يقتضي ثبوت الحرمة المتيقّنة والحرمة المشكوكة في وقتٍ واحدٍ قبل الذبح على الحيوان المشكوك لو كان حراماً ذاتاً في الواقع؛ لكي يمتنع أن يكون المشكوك بقاءً للمتيقّن، بل يلتزم بثبوت حرمةٍ واحدةٍ مؤكّدة، بناءً على التأكّد عند اجتماع فردين من حكمٍ واحدٍ.
وهذا يوجب بطلان النكتة التي كانت تسبب عدم صدق عنوان البقاء على الحرمة المشكوكة، إذ لا يكون في الحيوان المشكوك قبل الذبح إلّاحرمة واحدة، وهي: إمّا حرمة مؤكّدة إذا كان الحيوان محرّم الأكل ذاتاً، وإمّا حرمة غير مؤكّدة