ظرف ملاقاتهما كان في الباطن، كما لو أدخل الإنسان إصبعه النجس إلى فمه فلاقى مع إصبعه الآخر داخل فضاء الفم.
والحكم بعدم التنجيس هنا موقوف على أن تتمّ دعوى احتمال الفرق عرفاً بين الملاقاة بين شيئين في الخارج والملاقاة بينهما في الداخل، بعد افتراض عدم الإطلاق اللفظيّ في أوامر الغسل.
وكلا المطلبين محلّ تأمّل، بل منع، إذ لا وجه للمنع عن إطلاق الأمر بالغسل في رواية عمّار لكلّ ما أصابه ذلك الماء من الامور الخارجية، سواء كانت الإصابة في الخارج أو الداخل.
كما أنّ دعوى إلغاء العرف خصوصية الخارج وكون الملاقاة في هذا المكان أو ذاك لا غبار عليها.
لا يقال: هذا الارتكاز مناقض بارتكاز عدم الفرق بين ملاقاة الخارجيّين في الباطن، كملاقاة الإصبع مع دمٍ محمولٍ إلى جوف الفم من الخارج، وبين ملاقاة الخارجيّ مع الدم الداخليّ في جوف الفم التي حكم فيها بعدم الانفعال، كالدم الخارج من الأسنان، فإنّ كليهما بحسب النظر العرفّي من سنخٍ واحد، ولعلّه إليه استند من أفتى بالطهارة في هذه الجهة.
فإنّه يقال أوّلًا: إنّه يوجد احتمال الفرق بينهما؛ لِمَا تقدّم من اختلاف النظر العرفيّ في باب الاستقذارات بين المادة الخارجة عن موطنها وغير الخارجة.
وثانياً: لو سلّم ارتكاز عدم الفرق فهو يقتضي الحكم بالنجاسة في الصورتين، لا الطهارة؛ لوضوح أنّ الحكم بالطهارة في المسألة الثانية لم يكن من جهة قيام الدليل عليه، وإنّما كان من جهة عدم الدليل المثبت للنجاسة، فلو فرضت الملازمة عرفاً بينهما كانت أوامر الغسل دالّةً على النجاسة في المسألتين معاً، كما هو واضح.