وطريقه إلى معرفة اللغة أمثال ما ذكرناه.
نعم، يمكن أن يقال: إنّ النشيش وإن كان هو الصوت إلّاأنّ الصوت له مراتب، ولعلّه عبارة عن الصوت بمرتبةٍ مساوقةٍ للغليان، ويحتمل ذلك قولهم:
«النشيش صوت الماء إذا غلى» إذا حملنا الشرط على الموضوعية لا المعرِّفية، ويشهد لتطرّق هذا الاحتمال ما جاء في لسان العرب من قوله: «وقيل: إنّ النشيش من حين يبدأ الماء بالغليان»[1]. وإذا قام هذا الاحتمال تعذّر الاستدلال بالرواية على أسبقية الحرمة على الغليان.
وأمّا الترديد بين النشيش والغليان مع تلازمهما بناءً على هذا الاحتمال فيمكن أن يكون بلحاظ مقام الإثبات لا الثبوت؛ لأنّ أحدهما يُرَى والآخر يُسمَع، وإمكان الافتراق بينهما إثباتاً يصبح[2] العطف ب «أو» عرفاً، كإمكان الافتراق ثبوتاً، وعليه فلا تتمّ دلالة الرواية على الحرمة قبل الغليان.
وممّا ذكرناه ظهر حال التمسّك لإثبات كفاية مطلق الصوت في الحرمة برواية عمّار الساباطي المتقدّمة، حيث جاء فيها: «وخشيت أن ينشّ».
المسألة الرابعة: فيما إذا غلى العنب بدون عصير، وتوضيحه: أنّ ماء العنب تارةً يخرج بالعصير ويغلي، وهذا هو المتيقن من النصوص. واخرى يخرج من العنب بالتشقيق ونحوه من دون عصرٍ ويغلي، وهذا أيضاً يحرم، لأنّ خصوصية العصر المأخوذة في موضوع النصوص ملغاة بالارتكاز العرفي، فإطلاق الروايات يشمل هذا الفرد.
[1] لسان العرب 6: 325، وفيه: النشيش أوّل أخذ العصير في الغليان
[2] كذا في الطبعة الاولى، ولكنّ الظاهر أنّ الصواب: يصحّح