وهذه الرواية مطلقة، إلّاأ نّها ضعيفة سنداً، فيكتفى بإطلاق الرواية الاولى.
نعم، هنا كلام آخر، وهو: أ نّه يبقى للسيّد الاستاذ- دام ظلّه- أن يقول: إنّ المغليّ بغير النار لم تثبت حلّيته إذا ذهب ثلثاه بغير النار، فإنّ موضوع الروايتين إنّما هو المغليّ بالنار، وأمّا المغليّ بنفسه فدليل السيّد الاستاذ على حلّيته بذهاب الثلثين إنّما هو رواية عبد اللَّه بن سنان، قال: ذكر أبو عبد اللَّه عليه السلام: «أنّ العصير إذا طبخ حتّى يذهب ثلثاه ويبقى ثلثه فهو حلال»[1].
وهذه الرواية تختصّ بذهاب الثلثين بالنار، فبناءً على تصوّراته- دام ظلّه- من حقّه التفصيل بين المغليّ بالنار والمغليّ بنفسه؛ لانحصار دليل حلّية المغليّ بنفسه بذهاب الثلثين عنده في تلك الرواية.
ولكنّنا في فسحةٍ من الالتزام بهذا التفصيل الذي لم يلتزم به المشهور؛ لِمَا قلنا من أنّ الميزان في الحلّية هو زوال الإسكار، وذلك يوجب الحلّية على القاعدة، سواء كان بالنار أو بغيرها، بلا حاجةٍ إلى التمسّك بإطلاق الروايات.
وأمّأ الأمر الثاني- وهو وجود الدليل على عدم الكفاية- فيدّعى أ نّه رواية أبي بصير، قال: سمعت أبا عبد اللَّه عليه السلام وسئل عن الِطلاء، فقال: «إن طبخ حتّى يذهب منه اثنان ويبقى واحد فهو حلال، وما كان دون ذلك فليس فيه خير»[2].
واستشهاد السيّد الاستاذ[3] بصدر الرواية بلحاظ المفهوم، بتقريب: أنّ مقتضى مفهوم الصدر أ نّه إن لم يطبخ إلى ذهاب الثلثين فليس بحلال، وهو مطلق
[1] وسائل الشيعة 25: 289، الباب 5 من أبواب الأشربة المحرّمة، الحديث 1
[2] وسائل الشيعة 25: 285، الباب 2 من أبواب الأشربة المحرّمة، الحديث 6
[3] التنقيح 2: 118