يذهب ثلثاه ويبقى ثلثه فهو حلال»[1]. وهذه الرواية،- على ما ذكر دام ظلّه- موضوعها مطلق العصير، فيشمل المغليّ بنفسه، ويدلّ على حلّيته إذا ذهب ثلثاه بالطبخ.

والتحقيق: أنّ قوله: «إذا طبخ حتّى يذهب ثلثاه» لو تصوّرناه بنحو مفاد «كان» التامّة فكأ نّه قال: «العصير إذا وجد فيه طبخ مستمرّ إلى ذهاب الثلثين فهو حلال» كان لما ذكره- دام ظلّه- مجال. ولكنّ الظاهر من الحديث أ نّه اريد ذلك بنحو مفاد «كان» الناقصة، فكأنه قال: «العصير إذا كان طبخه بنحوٍ يذهب الثلثين فهو حلال» فالطبخ داخل في موضوع القضية، ويكون مفروض الوجود والشرط هو الخصوصية القائمة بالطبخ، وهي ذهاب الثلثين. ومن المعلوم أ نّه بناءً على هذا الاحتمال لا يمكن التمسّك بإطلاق الرواية؛ لأنّ موضوع القضية ليس هو ذات العصير، بل العصير المطبوخ، وإطلاقها لما غلى بنفسه ثمّ طبخ يشبه إطلاقها لما غصب ثمّ طبخ، فإنّها بصدد علاج الحرمة الناشئة من الطبخ، لا بصدد علاج كلّ حرمة.

والنكتة في استظهار مفاد «كان» الناقصة من الجملة المذكورة أ نّه لو جعل الطبخ داخلًا في الشرط لا في الموضوع كان المستفاد منه أنّ الطبخ شروع في سبب الحلّية، بينما الأمر ليس كذلك، فإنّ العصير بالطبخ يحرم، ثمّ استمراره في الطبخ يحلِّله، وهذا يناسب كون الطبخ مأخوذاً في طرف الموضوع، وكون الشرط في الحلّية استمرار الطبخ المفروغ، ولا يصحّ جعل الطبخ بنفسه دخيلًا في الشرط إلّا مع افتراض غليانٍ سابقٍ في العصير، وهو عناية زائدة.

وقد يقال: إنّ هذه العناية الزائدة يوجد ما يصلح للدلالة عليها، وهو كون‏

 

[1] وسائل الشيعة 25: 289، الباب 5 من أبواب الأشربة المحرّمة، الحديث 1