بني عمّي- وهو من صلحاء مواليك- يأمرني أن أسألك عن النبيذ وأصفه لك، فقال: «أنا أصف لك، قال رسول اللَّه صلى الله عليه و آله: كلّ مسكرٍ حرام، وما أسكر كثيره فقليله حرام … الحديث»[1].
ويستفاد من جواب الإمام عليه السلام والضابط الذي استغنى بإعطائه عن الاستماع إلى مواصفات النبيذ المسؤول عنه: أنّ المناط في الحرمة هو الإسكار فقط، فإذا ضمّ ذلك إلى ما في سائر الروايات من وجود محذورٍ في ما يدّخَر من نبيذٍ إذا مرّت عليه أيام أنتج أنّ العصير إذا نَشَّ بنفسه كان مسكراً.
ويلاحظ في هذا المجال روايات: محمد بن مسلم، وإبراهيم بن أبي البلاد، وأيّوب بن راشد، ويزيد بن خليفة، والفضيل بن يسار، في أبواب الأشربة المحرَّمة.
الاحتمال الثاني: عدم كونها مخصِّصاً جديداً لأدلّة الحلّ، لا بدعوى: أنّ كلّ عصيرٍ مغليٍّ مسكر، بل بدعوى: أنّ الحرمة الواقعية للعصير العنبيّ المغليّ بالنار، المستفادة من روايات الباب مخصوصة بما عرض له الإسكار؛ وذلك إمّا بأن يقال: إنّ روايات الباب مفادها الحكم الظاهريّ بالحرمة؛ لكون العصير العنبيّ المغليّ بالنار، عرضة للإسكار غالباً ببقاء أدنى مدّة، فحكم بحرمته ظاهراً على الإطلاق لأجل شيوع احتمال الإسكار فيه، مع اختصاص الحرام الواقعيّ بالمسكر.
أو يقال: بأنّ مفادها الحكم الواقعيّ بالحرمة، إلّاأ نّه يوجد ما يقيّدها بخصوص فرض الإسكار.
وما يمكن أن يفرض قرينةً على تقييد روايات الباب بخصوص المسكر
[1] المصدر السابق: الحديث 1