وأمّا في الفقه السنّي فلا إشكال في خمرية المسكر من غير المطبوخ وحرمته مطلقاً. وأمّا المطبوخ إذا أصبح مسكراً فقد وقع الخلاف في خمريته.
ونقل عن أبي حنيفة عدم كونه خمراً[1]، بدعوى: تقوّم الخمر بعدم الطبخ السابق، ومن هنا ذهب البعض من فقهاء السنّة[2] إلى جواز القليل منه لأنّه غير مسكر، على أساس عدم قبولهم لقاعدة «أنّ ما أسكر كثيره فقليله حرام»[3].
وأمّا إذا غلى العصير العنبيّ ولم يسكر فالمستفاد من كلمات فقهائنا: جعل العصير العنبيّ المغليّ بعنوانه من المائعات المحرّمة إلى جانب الخمر والفقّاع والمسكر، كما يظهر بمراجعة كلمات المتقدّمين والمتأخرين، التي اطلق فيها القول بحرمة العصير العنبيّ المغلي، سوى ما قد يبدو من بعض عبائر الشهيد في الدروس[4]، والعلّامة في الإرشاد والمختلف[5].
فإنّ الشهيد قدس سره ذكر: أنّ العصير العنبيّ إذا غلى واشتدّ حرم، وكذلك العلّامة، وهذا ظاهره الخلاف مع المطلِقين من الفقهاء، كالصدوق ومَنْ بعده[6].
اللهمّ إلّاإذا فسِّر الاشتداد بالغلظة الحاصلة بمجرّد الغليان، لا على الشدّة في الطعم والريح والفساد ممّا هو مساوق للإسكار، إلّاأنّ الحمل على تلك الغلظة خلاف ظاهر عطف الاشتداد على الغليان المقتضي للتغاير بينهما، على أنّ الغلظة
[1] الحاوي الكبير 13: 387
[2] لم نعثر عليه
[3] وسائل الشيعة 25: 336، الباب 17 من أبواب الأشربة المحرّمة
[4] الدروس الشرعية 3: 16
[5] إرشاد الأذهان 1: 239
[6] المقنع: 453، الوسيلة: 365