المقصود من التعليل بيان أ نّه حيث كان النبيذ بعنوانه ليس حراماً كالخمر، وإنّما يحرم إذا كان مسكراً، فلم يحكم بنجاسته أصلًا، لا بيان أنّ النبيذ ليس دائماً حراماً كالخمر، فلا يكون دائماً نجساً، والرواية صحيحة سنداً؛ لثبوت وثاقة أبي بكر الحضرميّ برواية الأزديّ، والبجليّ عنه.
الثالثة: ما دلّ بالإمضاء السكوتيّ على طهارة النبيذ، وهو خبر كليب بن معاوية المتقدم[1]، وقد تقدم أنّ ظاهره ارتكاز الطهارة لدى أبي بصير، ولم يردع الإمام عليه السلام عن هذا الارتكاز. والخبر معتبر سنداً؛ لرواية صفوان عن كليب.
وعلى هذا الأساس يتساقط الصريحان والظهوران، ويتشكّل من المرتبة الثالثة من أخبار الطهارة ما يكون بمثابة المرجع الفوقي. ولو قطع النظر عن هذه المرتبة تمّ الموقف الرابع حينئذٍ من التساقط المطلق، والرجوع إلى الاصول النافية.
الجهة الثانية: في نجاسة المسكر من غير النبيذ، ممّا هو معدّ للشرب.
وتوضيح حكمه: أ نّا إذا قلنا بطهارة النبيذ المسكر فغيره طاهر أيضاً، كما هو واضح. وإن قلنا بنجاسته فقد يقال بأ نّه لا موجب لإسراء النجاسة إلى غير النبيذ:
إمّا بتقريب أنّ روايات النجاسة اخذ في موضوعها عنوان الخمر والنبيذ، ولم يؤخذ المسكر على إطلاقه، إلّافي روايةٍ لعمّار: «لا تصلِّ في بيتٍ فيه خمر ولا مسكر …، ولا تصلِّ في ثوب قد أصابه خمر أو مسكر»[2]. وهي غير تامّة دلالةً؛ لأنّ السياق يقتضي الحمل على التنزّه بقرينة تنزيهية النهي الأوّل.
وإمّا بتقريب: أنّ ما دلّ على طهارة الخمر أو النبيذ المسكر إنّما سقط عن
[1] تقدّم في الصفحة 413
[2] وسائل الشيعة 3: 470، الباب 38 من أبواب النجاسات، الحديث 7