الإضرار بكشف الإجماع؛ لأنّ ما يترقّب أن يكشف عنه من ارتكاز وتَلَقٍّ مسلَّمٍ إنّما يفترض في ذلك الوسط، وأمّا إذا كانوا بعيدين عن ذلك الوسط غير متغلغلين فيه بتلك الدرجة فلا تكون لخلافهم قيمة معتد بها. وفي هذا الضوء ندرس مدى وجود الخلاف، مع الالتفات إلى نوعية المخالفين.
إنّ الخلاف قد نسب إلى الصدوق ووالده، وهما من كبار الوسط الفقهيّ الإماميّ في قم، وإلى ابن أبي عقيل والجعفي، وهما من شيوخ أصحابنا في العراق، وكلّهم من المقاربين لعصر الأئمّة، أو المعاصرين لمقدارٍ منه.
أمّا الصدوق رحمه الله فهناك مدركان لإفتائه بالطهارة:
أحدهما: في المُقنِع في باب شارب الخمر والغناء، إذ يقول: «ولا تجالس شارب الخمر، ولا تأكل على مائدةٍ يشرب عليها خمر، ولاتصلِّ في بيتٍ فيه خمر محصور في آنية. وقد روي فيه رخصة. ولا بأس أن تصلّي في ثوبٍ أصابه خمر؛ لأنّ اللَّه حرّم شربها، ولم يحرّم الصلاة في ثوبٍ أصابته»[1].
والآخر: في الفقيه، وذلك في موضعين:
الأوّل: مانقله من الرواية الدالّة على جواز الصلاة في الثوب الملاقي للخمر، بدون إشارةٍ إلى معارضٍ لها، وذلك في باب ما يصلّى فيه، إذ ورد في هذا الباب قوله: وسئل أبو جعفر، وأبو عبد اللَّه: أ نّا نشتري ثياباً يصيبها الخمر، وودك الخنزير عند حاكتها، أنصلّي فيها قبل أن نغسلها؟ فقال: «نعم لا بأس، إنّما حرّم اللَّه أكله وشربه، ولم يحرِّم لبسه ومسَّه والصلاة فيه»[2].
فإذا ضمّ إلى ذلك تعهّده في مقدمة الفقيه، بأن لا يذكر إلّاالروايات التي
[1] المقنع: 452- 453
[2] من لا يحضره الفقيه 1: 1 248، الحديث 751