ومنكر الضروري: تارةً يؤدّي إنكاره هذا إلى إنكار الرسالة؛ لالتفاته إلى الملازمة بينها وبين ما أنكره. واخرى يرى عدم هذه الملازمة، فلا يسري الإنكار إلى أصل الرسالة.
ففي الأوّل لا شكّ في كفره، وإنّما الكلام في الثاني، الذي يكون كفره مبنيّاً على أخذ القيد المذكور تعبّداً في تحقّق الإسلام.
وقد استدلّ على ذلك ببعض الروايات، كرواية عبد اللَّه بن سنان المشتملة على أ نّه «من ارتكب كبيرةً وزعم أ نّه حلال أخرجه ذلك من الإسلام»[1].
وقد اعترض على ذلك بأمرين:
الأوّل: ما ذكره السيّد الاستاذ[2]– دام ظلّه- من أنّ الكافر له مراتب وعدّة إطلاقات: فقد يطلق الكافر في مقابل المسلم، وقد يطلق في مقابل المؤمن، أو في مقابل المطيع، والشكور، فلا يتعيّن الإطلاق بلحاظ الأوّل. وأنت تلاحظ أنّ الرواية لم يرد فيها التعبير بالكافر، وإنّما قالت بخروجه من الإسلام، فهو واضح في اللحاظ الأوّل، ولا مجال لدعوى الإجمال فيه، على أنّ لفظ «الكافر» عند الإطلاق ينصرف إلى ما يقابل المسلم أيضاً.
الثاني: ما ذكره المحقّق الهمدانيّ[3] قدس سره من أنّ الأخذ بإطلاق الرواية يقتضي كفر مستحلّ الحرام، سواء كانت حرمته ضروريةً، أوْ لا، علم بأ نّه من الإسلام أوْ لا، فيشمل المجتهد الذي يخطئ في فتواه بالحلّية، وهذا غير مقصودٍ جزماً، فلابدّ من تقييد الرواية: إمّا بكون الحرمة المدّعى نفيها ضروريةً، وهذا
[1] سيأتي نصّ الصحيحة في الصفحة اللاحقة
[2] التنقيح 2: 63
[3] مصباح الفقيه كتاب الطهارة: 566