القبيل، وهذا يناسب كون اشتراط الغسل استحبابياً؛ لتكون استحبابيّته هي بنفسها نكتةَ السكوت عنه في جواب السؤال الأوّل، ثمّ التعرّض له من خلال استمرار الجواب وتكرار السؤال.
وثالثاً: أنّ بعض روايات الطهارة الآتية تأبى عن الجمع المذكور؛ لصراحتها في نفي أصالة النجاسة العَرَضية.
ومنها: موثّقة عمّار الساباطيّ، عن أبي عبد اللَّه عليه السلام قال: سألته عن الرجل هل يتوضّأ من كوز أو إناء غيره إذا شرب منه على أ نّه يهودي؟ فقال: «نعم».
فقلت: من ذلك الماء الذي يشرب منه؟ قال: «نعم»[1].
وتقريب الاستدلال بها: أنّ جواز الوضوء من ذلك الماء، مع وضوح اشتراط الطهارة في الماء المتوضّى به يدلّ على عدم انفعال الماء باليهوديّ، الكاشف عن عدم نجاسته.
وقد يستشكل في ذلك: بأنّ الجواز المذكور يلائم عدم انفعال الماء القليل بملاقاة النجاسة أيضاً.
ويندفع: بأ نّه اذا سلّمت ملائمة الجواز لكلا الأمرين فبضمّ أدلّة انفعال الماء القليل- بعد عدم احتمال الفرق بين نجسٍ ونجسٍ- يتحصّل الدليل على طهارة الكتابيّ.
هذا، مضافاً إلى إمكان دعوى ظهور السؤال في الرواية في استعلام حال الكتابيّ، لا حال الماء القليل من حيث الاعتصام وعدمه؛ لأنّ تعرّض الماء القليل في حياة المسلم الاعتيادية لملاقاة نجاساتٍ اخرى أكثر جدّاً من تعرّضه لملاقاة الكتابي، ففرض ملاقاته للكتابيّ دون تلك النجاسات ينسبق منه النظر إلى حال
[1] وسائل الشيعة 1: 229، الباب 3 من أبواب الأسآر، الحديث 3