الرواية على الطهارة أدلّ، كما هو واضح.
بل قد تكون سبباً في إبطال دلالة رواية عليّ بن جعفر المتقدّمة في ماء الحمّام، الآمرة بالغسل من النصرانيّ. وإجمالها باعتبار اتّصال هذا النصّ بذاك، وتلاحق السؤالين، غير أنّ الظاهر عدم حصول الإجمال في ذلك النصّ؛ لأنّ جواب السؤال الثاني لا يعتبر قرينةً متّصلةً بالنسبة إلى جواب السؤال الأوّل، ولو كان السؤال الثاني عقيب جواب السؤال الأوّل مباشرةً وسلّم كون الجمع من الجمع في المروي، لا في الرواية.
ومنها: رواية هارون بن خارجة، عن الصادق عليه السلام: أنّي اخالط المجوس فآكل من طعامهم؟ قال: «لا»[1].
ورواية عيص المأخوذة من كتاب المحاسن، قال: سألت أبا عبد اللَّه عليه السلام عن مؤاكلة اليهوديّ والنصرانيّ والمجوسيّ أفآكل من طعامهم؟ قال: «لا»[2].
وتقريب الاستدلال بهاتين الروايتين: أنّ النهي عن الأكل من طعامهم بعد فرض أصل المخالطة والمؤاكلة ينصرف إلى جهة النجاسة، دون حزازة المعاشرة؛ لأنّ هذه الحزازة ثابتة في ما فرض من مخالطةٍ ومؤاكلة، ودون حزازة السؤر؛ لأنّ وحدة القصعة لم تفرض، وإنّما فرض كون الطعام طعامهم، والمؤاكلة لا تستلزم وحدتها، فالسؤال عن خصوصية كون الأكل من طعامهم لابدّ أن يكون بلحاظ النجاسة.
وقد يستشكل: بأنّ كون النظر إلى نجاسة الكافر لا يناسب الفراغ عن جواز أصل مؤاكلته ولو من طعام المسلم؛ لأنّها تتضمّن غالباً الملاقاة بالرطوبة، فكيف
[1] المصدر السابق: 421، الحديث 7
[2] وسائل الشيعة 24: 207، الباب 52 من أبواب الأطعمة المحرّمة، الحديث 3