طعامهم؟ فقال: «أمّا أنا فلا اواكِل المجوسي، وأكره أن احرِّم عليكم شيئاً تصنعون في بلادكم»[1].
فإنّه لو سلّم أنّ استنكاف الإمام عليه السلام عن مؤاكلة المجوسيّ كان بسبب التحريم، وأنّ التحريم عامّ، وامتناعه عن التحريم على الآخرين كان بمعنى امتناعه عن إخراجهم عمّا تقتضيه التقيّة من المساورة فلا يدلّ التحريم المذكور على النجاسة بعد عدم انحصار ما يترقّب كونه منشأ لذلك في الارتكاز المتشرّعيّ العامّ في النجاسة.
ومنها: صحيحة عليّ بن جعفر، عن أخيه عليه السلام قال: سألته عن فراش اليهوديّ والنصرانيّ ينام عليه؟ قال: «لا بأس، ولا يصلّي في ثيابهما». وقال:
«لا يأكل المسلم مع المجوسيّ في قصعةٍ واحدة، ولا يقعده على فراشه، ولا مسجده، ولا يصافحه». قال: وسألته عن رجلٍ اشترى ثوباً من السوق للِّبس لا يدري لمن كان، هل تصلح الصلاة فيه؟ قال: «إن اشتراه من مسلمٍ فليصلِّ فيه، وإن اشتراه من نصرانيٍّ فلا يصلِّ فيه حتّى يغسله»[2].
وتفصيل الكلام في هذه الرواية: أ نّا إذا لاحظنا السؤال الأوّل مع جوابه لم نجد فيه دلالةً على النجاسة؛ لعدم اشتمال الجواب على الأمر بالغسل الظاهر في ثبوت النجاسة للمغسول، وعدم كون النجاسة هي النكتة الوحيدة المحتملة ارتكازاً لتلك النواهي لكي ينسبق الذهن العرفيّ إليها، خصوصاً مع عدم توفّر الرطوبة السارية غالباً في إقعاد الكافر على الفراش، أو مصافحته.
ويؤيّد اتّجاه النظر إلى غير النجاسة: ما ورد في روايةٍ اخرى لعليّ بن
[1] وسائل الشيعة 24: 208، الباب 53 من أبواب الأطعمة المحرّمة، الحديث 2
[2] وسائل الشيعة 3: 421، الباب 14 من أبواب النجاسات، الحديث 10