النجاسة، إذ يقارن فيها بين هذه الامّة والامم السالفة، التي قصّرت فحملت عليهم تكاليف شاقّة في حالة إصابة البول للبدن ونحوه، وأمّا هذه الامّة فقد جعل الماء لها طهوراً.
ومنها: ما ورد في بعض روايات حبّ النبيّ صلى الله عليه و آله و سلم للحسن أو للحسين- على اختلاف متونها- من: «أ نّه كان في حِجْر النبيّ فبال، فاريد أخذه أو تأنيبه فمنع النبيّ صلى الله عليه و آله و سلم، ودعا بماءٍ فصبّه عليه»[1]. وفي بعضها: «أنّ النبيّ بال عليه الحسن والحسين قبل أن يطعما، فكان لا يغسل بولهما من ثوبه»[2].
ومنها: قوله تعالى في سورة المائدة: «فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً»[3]، بناءً على كون الطيّب بمعنى الطاهر الشرعي، كما هو مقتضى استدلال الفقهاء بالآية على اشتراط طهارة التراب. وافتراض طاهرٍ كذلك يساوق افتراض تشريع النجاسة. والمنقول: أنّ سورة المائدة قبل سورة التوبة، فإذا أوجبت هذه الشواهد وغيرها الظنّ الاطمئنانيّ بسبق تشريع النجاسة لم يتمّ الجواب المذكور.
غير أنّ الصحيح مع هذا عدم تمامية أصل الوجه؛ لأنّ النجاسة وإن كانت مشرَّعةً إجمالًا في ذلك الزمان ولكنّ المتتبّع يكاد أن يحصل له القطع بأنّ لفظة «النجاسة» لم تكن قد خصِّصت للتعبير عن القذارة الشرعية، وإنّما كان يعبّر عنها بتعبيراتٍ مختلفةٍ في الموارد المتفرّقة.
ولهذا نلاحظ أنّ مجيء لفظ «النجاسة» في مجموع الأحاديث المنقولة عن النبيّ صلى الله عليه و آله و سلم: إمّا معدوم، وإمّا نادر جدّاً، لا في طرقنا فقط، بل حتّى في روايات
[1] وسائل الشيعة 3: 405، الباب 8 من أبواب النجاسات، الحديث 4
[2] مستدرك الوسائل 2: 554، الباب 2 من أبواب النجاسات والأواني، الحديث 2
[3] المائدة: 6