أنّ بعض ألسنة تلك الروايات وخصوصيّاتها لا يناسب التقية، من قبيل ما دلّ على النهي عن الوضوء بسؤر الكتابي، مع استثناء صورة الاضطرار، ومن قبيل كون الراوي لبعض الروايات مثل عليّ بن جعفر، خصوصاً مع كثرة روايات الطهارة وصراحتها، وعدم وجود شي‏ءٍ من التذبذب والتزلزل في البيان في أكثرها.

وهناك مبعِّدات متفرّقة في الفقه للقول بالنجاسة، من قبيل جواز نكاح الكتابية، مع استبعاد إمضاء الحياة الزوجية بين الطاهر بالذات والنجس بالذات، وتشريع تغسيل الكتابيّ للمسلم في بعض الحالات، ونحو ذلك.

وحيث إنّ أكثر هذه النقاط تختصّ بمثل الكتابيّ من الكفّار فما يمكن أن نستخلصه من مجموع ما تقدّم: سقوط الإجماع المدّعى‏ عن الحجّية بالنسبة إلى الكتابيّ ومَنْ هو من قبيله من الكفّار.

وأمّا بالنسبة إلى المشرك ومَنْ هو أسوء منه: فإن لم يمكن التعويل على الإجماع فيه جزماً لضآلة منافذ التشكيك فلا أقلّ من التعويل عليه بنحو الاحتياط الوجوبي.

وأمّا الكتاب الكريم فقد استدلّ على النجاسة بقوله تعالى: «إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرامَ بَعْدَ عامِهِمْ هذا …»[1].

وتحقيق الكلام في هذه الآية يقع في ثلاث جهات:

الجهة الاولى: في إمكان استفادة النجاسة بالمعنى المبحوث عنه من كلمة «نَجَسٌ» في الآية.

وتوضيحه: أنّ كلمة «نَجَسٌ»- بفتح الجيم- مصدر، والنجاسة اسم مصدر.

وأمّا الوصف فهو نجِس بكسر الجيم.

 

[1] التوبة: 28