أكثر الناس اطّلاعاً على رأي استاذهم.
وقد يدفع هذا الاستغراب: بإمكان افتراض عدول المفيد قدس سره عن الفتوى بالطهارة، إذ لا نعرف تأريخ صدور الحكم بالكراهة منه، فلعلّه كان في بداية أمره، وفي مرحلة تأ ثّره باستاذه ابن الجنيد وابن أبي عقيل اللذَين ينسب اليهما القول بالطهارة.
ومنها: ما نسب إلى القديمين: ابن أبي عقيل وابن الجنيد من القول بالطهارة.
فعن الأوّل أ نّه قال بطهارة سؤر الكتابي، وهذا بمجرّده إنّما يدلّ على قوله بالطهارة إذا لم يفترض اختصاص السؤر اصطلاحاً في كلام مثله بالماء المطلق، وإلّا أمكن أن يكون مبنيّاً على عدم انفعال الماء القليل.
وعن الثاني أ نّه قال: «ولو تجنّب من أكل ما صنعه أهل الكتاب من ذبائحهم وفي آنيتهم، وكلّ ما صنع في أواني مستحلّي الميتة، ومؤاكلتهم، ما لم يتيقّن طهارة أوانيهم وأيديهم كان أحوط»[1].
وكلمة «أيديهم» إن رجعت إلى الجميع كان كلامه واضحاً في نفي النجاسة العينية عن الكتابي، وإن رجعت إلى خصوص مستحلِّي الميتة فلا يستفاد من كلامه حينئذٍ إلّاالتوقّف عن الفتوى بالنجاسة.
النقطة الثانية: أ نّنا اذا رجعنا إلى عصرٍ أقدم من عصور الفقه الإمامي- أي عصر الرواة- نجد أنّ قضية نجاسة الكفّار لم تكن أمراً مركوزاً في أذهان الرواة إلى زمان الغيبة، ولهذا كثر السؤال عن ذلك بين حينٍ وحين، وفرض في بعض تلك الأسئلة أ نّهم يأكلون الميتة ولا يغتسلون من الجنابة، كما في
[1] راجع مسالك الأفهام 12: 66