ارتكاز أنّ محذور النجاسة لا يزول عن الملاقي بانعدام النجس بعد الملاقاة، وهو يوجب كون التعليل ناظراً إلى محذور الحرمة وارتفاعها، لا إلى مطهّرية النار للمرق؛ لأنّ كون النار تأكل الدم لا يناسب علّةً لنفي محذور النجاسة لو كان، فتحمل الرواية على الدم الطاهر.
الثانية: رواية سعيد الأعرج، قال: سألت أبا عبد اللَّه عليه السلام عن قِدْرٍ فيها جَزور وقع فيها قَدَر اوقيةٍ من دمٍ أيؤكل؟ قال: «نعم، فالنار تأكل الدم»[1].
وهذه الرواية من حيث السند تامّة، إذ لا تَأَمُّلَ إلّافي سعيد الأعرج، وهو ثقة: إمّا لاستظهار كونه عين سعيد بن عبد الرحمان الأعرج المصرح بوثاقته من النجاشي[2]، كما هو الأقرب. أو لأنّ بعض الثلاثة- كصفوان- يروي عنه على أيّ حال، سواء ثبت تعدّده أوْ لَا.
وأمّا من حيث الدلالة فتأتي هنا نفس القرينة التي جعلناها في الرواية السابقة شاهدةً على صرف نظرها إلى الحرمة دون النجاسة.
الثالثة: رواية عليّ بن جعفر في كتابه- على ما في الوسائل- عن أخيه قال: سألته عن قِدْرٍ فيها ألف رطل ماء يطبخ فيها لحم، وقع فيها اوقية دمٍ هل يصلح أكله؟ فقال: «إذا طبخ فكُلْ، فلا بأس»[3].
وهذه الرواية تامّة سنداً؛ لصحّة سند صاحب الوسائل إلى الشيخ الطوسي،
[1] وسائل الشيعة 24: 197، الباب 44 من أبواب الأطعمة المحرّمة، الحديث 2
[2] رجال النجاشي: 181، الرقم 477
[3] المصدر السابق: الحديث 3