إلّاأنّ هذا الاستصحاب إنّما يجري فيما إذا شكّ في خروج المقدار المعلوم تعارف خروجه، لا في ما علم بالمقدار الخارج وشكّ في مقدار المتعارف لأجل الشكّ في قدر الدم الذي يشتمل عليه الحيوان، فإنّه في مثل ذلك لا يمكن استصحاب الملاقاة مع الدم المتعارف ظهوره؛ لأنّه من استصحاب الفرد المردّد؛ لأ نّنا نعلم بانقطاع الملاقاة مع واقع الدم المتعارف خروجه على تقدير أن يكون المقدار المعلوم خروجه هو المتعارف.
على أنّ هذا الاستصحاب في المورد الذي يجري لا يثبت النجاسة؛ لابتلائه بالمعارض، إذ لو لوحظ ما هو الموجود في الذبيحة من الدم فيشكّ في كونه مسفوحاً، والنجاسة متعلّقة بالمسفوح فيستصحب عدم كونه دماً مسفوحاً.
وبناءً عليه يقال: إنّه ليس دماً نجساً على أساس كونه مسفوحاً لنفي ذلك بالاستصحاب، وليس نجساً من باب الملاقاة للعلم بعدم ملاقاته لشي‏ءٍ آخر، وبعد تعارض الاستصحابين يرجع إلى أصالة الطهارة.
الفرع الثاني: فيما إذا علم بخروج المقدار المتعارف وشكّ في الرجوع فالدم المحتمل كونه هو الراجع يحتمل فيه النجاسة الذاتية، والباقي الملاقي له تحتمل فيه النجاسة العرضية. وقد يتمسّك فيه لنفي النجاسة باستصحاب عدم الرجوع، أو عدم ردّ النفس، وهو لا يثبت عدم كون هذا الدم راجعاً إلّا بالملازمة، كما هو واضح. وقد يستبدل- نظراً لذلك- باستصحاب بقاء هذا الدم في الذبيحة.
والتحقيق: أنّ النجاسة اذا قيل بأ نّها لم تثبت في دليلها إلّاعلى عنوان الدم المسفوح ولو شأناً لم يكن هناك أثر لاستصحاب بقاء الدم، بل يجري استصحاب عدم كونه مسفوحاً.
وإذا قيل بأن الدليل دلّ على نجاسة دم الذبيحة مطلقاً، وخرج منه‏