أيضاً؛ لأنّه موقوف على أن يكون النظر فيها إلى نفي المحذور في صورة الملاقاة مع الجفاف، وهو خلاف الظاهر، فإنّ الرواية جاءت بالنحو التالي: قلت لأبي عبد اللَّه عليه السلام: الرجل يبول ولا يكون عنده الماء فيمسح ذكره بالحائط، قال:

«كلّ شي‏ءٍ يابس ذكي».

وكما يمكن أن يكون نظر السائل إلى الاستفهام عن سراية النجاسة من اليابس كذلك يمكن أن يكون نظره إلى التعرّف على مطهّرية المسح بالحائط، وكونه استنجاءً شرعياً، خصوصاً بعد معروفية الفتوى بكفاية المسح بالأحجار إلى حدِّ الإنقاء في موضعي البول والغائط معاً بين العامّة، فيكون الجواب ظاهراً في طهارة الموضع، ولا أقلّ من احتمال ذلك على نحوٍ يوجب الإجمال.

فالأوْلى‏ الاستناد في الحكم بعدم لزوم غسل الملاقي مع الجفاف إلى ما قلناه من عدم تمامية الإطلاق في نفسه.

وأمّا ملاقي ميتة الإنسان مع الجفاف- فبعد الفراغ عن نجاستها قبل الغسل، وتنجيسها لملاقيها على حدِّ سائر النجاسات- ربّما يدّعى‏ أشدّيّتها في النجاسة من غيرها، بحيث يجب غسل ملاقيها مع الجفاف أيضاً.

وذلك: إمّا استناداً إلى إطلاق بعض روايات النجاسة، كرواية الحلبي:

سألته عن الرجل يصيب ثوبه جسد الميّت؟ فقال: «يغسل ما أصاب الثوب»[1].

أو استظهاراً من التوقيعين الواردين فيما إذا مات الإمام أثناء الصلاة وزحزح عن محلّه، وأ نّه «ليس على من مسّه إلّاغسل اليد»[2]. مع وضوح أنّ الغالب في مثل هذه الفروض الجفاف وعدم الرطوبة على نحوٍ لا تصلح رواية

 

[1] وسائل الشيعة 3: 462، الباب 34 من أبواب النجاسات، الحديث 2

[2] وسائل الشيعة 3: 296، الباب 3 من أبواب غسل مسّ المّيت، الحديث 4 و 5