إثباتها بالاستصحاب مبنيّ على تمامية أحد أمرين: أن يكون موضوعها عدم التذكية، أو أن يكون موضوعها عنوان الميتة، مع إرجاعها إلى الموت لا بالسبب الشرعي.
أمّا الأمر الأوّل فهو خلاف ظاهر روايات الباب الدالّة على النجاسة، حيث اخذ في موضوعها عنوان الميتة.
إلّاأنّ المحقّق الهمدانيّ قدس سره[1] حاول إثباته بمثل رواية الصَيقل، قال:
كتبت إلى الرضا عليه السلام: إنّي أعمل أغماد السيوف من جلود الحُمُر الميّتة، فتصيب ثيابي فاصلّي فيها، فكتب إليَّ: «اتّخذ ثوباً لصلاتك». فكتبت إلى أبي جعفر الثاني عليه السلام: إنّي كنت كتبت إلى أبيك عليه السلام بكذا وكذا، فصعب عَلَيَّ ذلك، فصرت أعملها من جلود الحُمُر الوحشية الذكية. فكتب إليّ: «كلّ أعمال البرّ بالصبر يرحمك اللَّه، فإن كان ما تعمل وحشيّاً ذكيّاً فلا بأس»[2].
حيث يمكن أن يستدلّ بالجملة الأخيرة على أنّ البأس- وهو النجاسة بحسب فرض السائل المستفاد من قوله: «فتصيب ثيابي فاصلِّي فيها»- موضوعه أن لا يكون ذكيّاً.
وفيه: أنّ الشرطية المذكورة مسوقة في قبال الشقّ الأوّل المفروض في كلام السائل، وهو اتّخاذه أغماد السيوف من جلود الحمر الميّتة، والذي عدل عنه إلى جلود الحمر الوحشية الذكية، بعد عدم تجويز الإمام الرضا عليه السلام الصلاة في الثوب الملاقي معها. فالشرطية في المقام في قوّة قوله: «إن كان ما تعمله هو فرضك الثاني فلا بأس». ومفهومها حينئذٍ: أنّ الفرض الأوّل في كلام السائل
[1] كتاب الطهارة من مصباح الفقيه: 524
[2] وسائل الشيعة 3: 489، الباب 49 من أبواب النجاسات، الحديث 1