البراءة ولو لم نقل بالحكومة.
قلنا: إنّ قرينية دليل الاستصحاب على دليل البراءة متقوّمة بكون مفاد الاستصحاب مطابقاً مع مفاد الغاية، وهذا التطابق غير موجودٍ في المقام؛ لأنّ مفاد الاستصحاب التعبّد بعدم التذكية، ومفاد الغاية إحراز عنوان الميتة، فلا تتمّ القرينية.
فالصحيح: أنّ هذه الروايات لو لوحظت وحدها لأنتجت أصالة التذكية في موارد الشكّ.
غير أنّ هناك روايات اخرى دلّت على الخلاف، من قبيل موثّقة ابن بكير:
«فإن كان ممّا يؤكل لحمه فالصلاة في وبره وبوله وشعره وروثه وألبانه وكلّ شيءٍ منه جائز إذا علمت أ نّه ذكيّ»[1].
فإنّها دالّة على عدم الجواز في فرض عدم العلم بالتذكية. وهي مطلقة من حيث وجود أمارةٍ عليها أم لا. وحينئذٍ لو قلنا بانقلاب النسبة كانت الرواية- بعد تخصيصها بإخراج موارد الأمارة- أخصّ مطلقاً من الروايات المتقدّمة الدالّة على الجواز مطلقاً، وإلّا فالتعارض والتساقط. وعلى كلا التقديرين تثبت أصالة عدم التذكية في موارد الشكّ.
ومثل رواية ابن بكير نفس ما دلّ على أمارية أرض الإسلام[2]، وحجّيته في إثبات الجواز، فإنّ هذا دالّ على أنّ المرجع- لولا الحجّية- سنخ أصلٍ منجّز، وإلّا لم يكن هناك معنىً عرفاً لجعل مثل تلك الأمارية.
المقام الثاني: في إثبات النجاسة باستصحاب عدم التذكية، وقد ذكر: أن
[1] وسائل الشيعة 4: 345، الباب 2 من أبواب لباس المصلّي، الحديث 1
[2] كرواية إسحاق الآتية في الصفحة 175