بين ما إذا تغيّر الماء بها أم لم يتغيّر، وهي بعد تخصيصها بصورة التغيّر- بقرينة أدلّة الاعتصام- تكون دالّةً على النجاسة لا محالة.
الطائفة الثالثة- وهي أحسن الطوائف الثلاث في مقام الاستدلال على نجاسة الميتة-: ما دلّ على انفعال المائع غير المعتصم بملاقاة الميتة، من قبيل ما ورد من الروايات المتفرّقة الآمرة بإراقة المائعات الملاقية مع الميتة، وهي روايات عديدة تامّة الدلالة على نجاسة الميتة عرفاً[1].
لأنّ الأمر بإراقة مثل السمن والزيت والمرق- لو كان ذائباً- يفهم منه عرفاً بقرينة ارتكازية سراية النجاسة في فرض الذوبان أنّ الأمر المذكور من جهة النجاسة السارية، لا لجهةٍ تعبّديةٍ نفسية، كما هو واضح.
ومن جملة روايات هذه الطائفة: ما دلّ على إفساد الميتة للماء، من قبيل «لا يفسد الماء إلّاما كانت له نفس سائلة»[2]. ودليل منجّسية شيءٍ يدلّ بالالتزام العرفيّ على نجاسته.
الطائفة الرابعة: ما دلّ على تنجيس الميتة أو المائع الملاقي للميتة لما يلاقيه من الجامدات، من قبيل ما دلّ على الأمر بغسل كلّ ما أصابه الماء الذي وقعت فيه الميتة، وما دلّ على النهي عن الأكل في آنية أهل الكتاب إذا كانوا يأكلون فيها الميتة والدم ولحم الخنزير، كما في رواية محمد بن مسلم، عن أحدهما عليهما السلام قال: سألته عن آنية أهل الكتاب؟ فقال: «لا تأكل في آنيتهم إذا كانوا يأكلون فيه الميتة والدم ولحم الخنزير»[3].
[1] وسائل الشيعة 24: 194، الباب 43 من أبواب الأطعمة المحرّمة
[2] وسائل الشيعة 3: 464، الباب 35 من أبواب النجاسات، الحديث 2
[3] وسائل الشيعة 24: 211، الباب 54 من أبواب الأطعمة المحرّمة، الحديث 6