الدقّة ما ذهب إلى صحّته كثير من الفقهاء[1] من ضمان الأعيان المغصوبة، فإنّ ضمانها ليس بمعنى النقل من ذمّةٍ إلى ذمّة؛ إذ لا يوجد شغل الذمّة ما دامت العين موجودة، بل التحقيق في معنى ضمان الأعيان المغصوبة أ نّه عبارة عن التعهّد بأدائها، ويترتّب على هذا التعهّد اشتغال الذمّة بقيمتها عند تلفها.
وهكذا نعرف أ نّه بعد فرض مساعدة الارتكاز العقلائي والفقهي على تصوير الضمان بمعنى التعهّد بأداء الدين أو أداء الشرط أو أداء العين المغصوبة بنحوٍ يعني اشتغال الذمّة بقيمة الأداء عند تلفه، فلا موجب لربط ضمانات البنك بالكفالة بمعناه المقابل للضمان المالي لدى الفقهاء لكي تكون قاصرةً عن إنتاج شغل الذمّة بالقيمة؛ لأنّ الكفالة المقابلة للضمان المالي مختصّة بكفالة النفس، ولا تقتضي عند المشهور أكثر من إحضار المكفول.
فإن قيل: إنّه في موارد شرط الفعل لا يكون المشترط مالكاً لشيءٍ في ذمّة المشترط عليه، ففي مثال المقاول الذي تشترط عليه الجهة التي تتّفق معه بنحو شرط الفعل أن يدفع عشرين ديناراً إذا تخلّف عن الاتّفاق لا تكون الجهة مالكةً لعشرين ديناراً في ذمّته، فكيف يفرض أنّ تعهّد البنك بالشرط يؤدّي إلى تملك الجهة لشيءٍ في ذمّته، بينما لم تكن تملك شيئاً بسبب الشرط في ذمّة المتعهّد عنه؟
قلنا: قد يقال في شرط الفعل: إنّ المشروط له يملك نفس الفعل على المشروط عليه، ففي المثال المذكور وإن لم تملك الجهة المخصوصة عشرين ديناراً في ذمّة المقاول، ولكنّها تملك عليه فعلًا له قيمة مالية، وهو تمليك عشرين ديناراً، والمفروض أنّ البنك يتعهّد بهذا الفعل للجهة المالكة له، ويستتبع ذلك عند
[1] منهم الشيخ الطوسي في المبسوط 3: 60، والمحقّق في شرائع الإسلام 2: 90، ونقله كذلك عن غيرهما السيد العاملي في مفتاح الكرامة 5: 372( الطبعة الحجريّة)