الأوّل: أن يقال: إنّ هذا التعهّد الذي اعتبرناه معنىً ثالثاً للضمان هو تعهّد بأداء الدين أو بأداء الشرط، بحيث يصبح أداء الدين أو أداء الشرط في عهدة البنك في المثال المفروض على حدِّ كون العين المغصوبة في عهدةالغاصب، غاية الأمر أنّ وقوع العين المغصوبة في عهدة الغاصب قهري، وأمّا وقوع أداء الدين أو أداء الشرط في عهدة البنك فهو بسبب إنشائه لمثل هذا التعهّد المفروض كونه نافذاً بحسب الارتكاز العقلائي الممضى شرعاً.
وكما أنّ وقوع العين المغصوبة في عهدة الغاصب يعني كونه مسؤولًا عن نفس العين (أي تسليم العين إلى المالك) ما دامت موجودةً، وإذا تلفت العين تتحوّل العهدة إلى اشتغال الذمّة بقيمتها- على تفصيلٍ وتحقيقٍ لا يسعه المقام- كذلك العهدة الجعلية في محلّ الكلام (أي تعهّد البنك الضامن بأداء الدين وأداء الشرط) فإنّها تعني كون البنك مسؤولًا عن تسليم ما وقع في العهدة الجعلية، وهو أداء الدين أو الشرط بوصفه فعلًا له ماليةٌ لا نفس الدين.
وكما إذا تلفت العين المغصوبة تتحوّل العهدة القهرية إلى اشتغال الذمّة بقيمة العين، كذلك إذا تلف أداء الدين أو أداء الشرط على الدائن والمشترط بسبب امتناع المدين والمشروط عليه عن الأداء الذي يعتبر نحو تلفٍ للفعل على مستحقّه عرفاً تحوّلت العهدة الجعلية إلى اشتغال الذمّة بقيمة ذلك الفعل، أي بقيمة أداء الدين أو أداء الشرط؛ لأنّ اشتغال الذمّة بقيمة المال عند تلفه من اللوازم العقلائية لمعنى دخول ذلك المال في العهدة، فأيّ مالٍ دخل في العهدة سواء كان عيناً أو فعلًا له مالية، وسواء كانت العهدة قهريةً كعهدة الغاصب أو جعليةً بسبب اشتغال ذمّة صاحب العهدة بقيمته عند تلفه، فبعد فرض إمضاء العهدة الجعلية عقلائياً وشرعاً يترتّب عليها لازمها من اشتغال الذمّة بالقيمة على تقدير التلف.
وعلى هذا الأساس يصحّ خطاب الضمان من البنك في المقام بوصفه تعهّدا