الصادرة منه لا أوسع من ذلك؛ إذ لا معنى لأنْ يشترط على شخصٍ إلّافعله؛ لأنّ هذا التوهّم يندفع بأنّ الاشتراط يقتضي كون متعلّقه مقدوراً للمشروط عليه بحيث يمكن أن يدخل في عهدته ومسؤوليته. ومن المعلوم أنّ الجامع بين فعله وفعل غيره مقدور له، ولهذا يقال في باب الأحكام التكليفية: إنّه يعقل تعلّق الأمر بالجامع بين فعل المكلّف وفعل غيره بنحو صرف الوجود.
إذا اتّضحت هذه الأنحاء الثلاثة للشرط فنقول: إنّ النحو الأوّل (أي شرط النتيجة) غير صحيح في المقام؛ لأنّ النتيجة المشترطة في المقام (وهي اشتغال ذمّة المقاول بكذا درهماً ابتداءً) ليس في نفسه من المضامين المعاملية المشروعة، وأدلّة نفوذ الشرط ليست مشرِّعةً لأصل المضمون، وإنّما هي متكفّلة لبيان صلاحية الشرط لأنْ تُنشأ به المضامين المشروعة في نفسها. وتفصيل ذلك في محلّه من بحث الشروط.
وأمّا النحوان الآخران من الشرط فهما معقولان.
والآن بعد أن تعقّلنا الشرط على المقاول بأحد النحوين الأخيرين نتكلّم عن خطابات الضمان التي يُزوّد البنك بها المقاول ويضمن فيها هذا الشرط للجهة التي اشترطته على المقاول.
فنقول: إنّ خطابات الضمان هذه يمكن تخريجها على أساس الضمان بالمعنى الثالث الذي فسّرنا به قبول البنك للكمبيالة، غاية الأمر أنّ المضمون في موارد قبول البنك للكمبيالة هو المدين، والمضمون هنا هو المشروط عليه، فكما يصحّ للبنك أن يتعهّد للدائن بأداء الدين كذلك يصحّ له أن يتعهّد للمشترط بأداء الشرط؛ لأنّ كلّ ذلك مطابق للارتكاز العقلائي.
ثمّ إنّ اقتضاء هذا التعهّد لاستحقاق المطالبة من المتعهّد (أي البنك مثلًا) بأداء الدين أو أداء الشرط يمكن أن يبيّن بأحد وجهين: