أمّا أوّلًا: فلإمكان فرض تمليك المنفعة بعوضٍ منجّزٍ وفعليّ من قِبل الأجير؛ لأنّ شكّه في كونه مالكاً للمنفعة الفلانية لأجل شكّه في القدرة عليها لا يمنع عن صدور إنشاءٍ يملك تلك المنفعة بعوضٍ منه على نحوٍ منجّز، نظير مَن يشكّ في أنّ عيناً من الأعيان ملكه ويبيعها مع هذا بيعاً منجّزاً، فالتعليق في المقام إنّما هو تعليق للحكم بصحة الإجارة، لا للمنشأ المجعول من قبل الأجير والمستأجر في عقد الإجارة.
وثانياً: لو سلِّم سريان التعليق إلى نفس المنشأ المجعول منهما فليس هذا من التعليق الباطل؛ لأنّه من التعليق على تمامية أركان صحة العقد، وليس من التعليق على أمرٍ خارجيّ من قبيل رجوع الحجّاج أو نزول المطر الذي هو المستيقن من الإجماع على مبطلية التعليق.
فإن بنينا على بطلان الإجارة واقعاً مع الشكّ في القدرة ولو كانت القدرة ثابتةً واقعاً، إمّا بتوهّم استلزام الشكّ حينئذٍ للتعليق، وإمّا للغَرر أو نحو ذلك، فلا يمكن في المقام أن تقع الإجارة على نفس تحصيل الدين وتسليمه إلى الدائن؛ للشكّ في قدرة البنك على ذلك بحسب الفرض، فلابدّ أن تقع الإجارة على نفس المطالبة، ويستحقّ البنك حينئذٍ الاجرة بمجرّد المطالبة.
وإن بنينا عل أنّ الإجارة الواقعة مع الشكّ تتبع الواقع فتصحّ مع وجود القدرة واقعاً، وتبطل مع عدمها كذلك، فيمكن تصوير الإجارة بنحوٍ لا يستحقّ معه الأجير الاجرة إلّامع تحصيل الدين بالفعل، وذلك بإيقاعها على نفس تحصيل الدين وتسليمه إلى صاحبه. وحينئذٍ فلا يستحقّ البنك الاجرة بالمطالبة إذا لم تؤدِّ إلى تحصيل الدين فعلًا؛ إذ ينكشف حينئذٍ عدم القدرة على الفعل المستأجر عليه، وبالتالي يظهر بطلان الإجارة، فلا موجب لاستحقاق الاجرة، بينما لو طالب وحصّل الدين فإنّه يستحقّ بذلك الاجرة؛ إذ ينكشف كون الفعل مقدوراً له،