والتحقيق: أنّ استحقاق البنك للعمولة بمجرّد المطالبة أو توقّف الاستحقاق على تحصيل المبلغ فعلًا ليس مبنيّاً على كون المقام من باب الجُعالة أو من باب الإجارة، بل على تشخيص ما انيط به الجُعل أو الاجرة.
وتحقيق ذلك: أنّ تحصيل الدين إمّا أن يفرض كونه مقدوراً للبنك ولو عن طريق الإلحاح في المطالبة، أو الرجوع إلى القضاء، ونحو ذلك. وإمّا أن يفرض كون البنك عاجزاً عن التحصيل إذا لم تنفع المطالبة الابتدائية في تحصيله، فإن فرض تمكّن البنك من التحصيل، فكما يمكن للدائن أن يجعل له جُعلًا على تقدير التحصيل كذلك يمكنه أن يستأجره على تحصيل الدين بالفعل، وتتّفق حينئذٍ الجُعالة والإجارة معاً في عدم استحقاق البنك للعمولة بمجرّد المطالبة إذا لم يترتّب عليها التحصيل وكان متوقّفاً على مواصلةالعمل من البنك؛ لأنّ الجُعل والأجر وقعا في مقابل التحصيل لا مجرّد المطالبة.
وإذا لم يفرض كون البنك قادراً على تحصيل الدين بالفعل، وإنّما يفرض قدرته على المطالبة به فحسب، فكما يمكن للدائن أن يستأجر البنك على مجرّد المطالبة كذلك يمكنه أن يضع له جُعلًا على مجرّد المطالبة، وتتّفق حينئذٍ الجُعالة والإجارة معاً في استحقاق البنك للعمولة بمجرّد المطالبة؛ لأنّ الجُعل والأجر وقعا في مقابل المطالبة، لا التحصيل الفعلي للدين. فاتّضح أنّ الجُعل في الجُعالة يمكن تصويره بنحوٍ لا يكون مستحقّاً إلّابالتحصيل، كما أنّ الاجرة في الإجارة يمكن تصويرها بنحوٍ لا يكفي في استحقاقها مجرّد المطالبة.
يبقى بعد هذا أن نرى أ نّه في فرض عدم قدرةالبنك إلّاعلى مجرّد المطالبة التي قد تقترن بالتحصيل وقد لا تقترن تبعاً لاستعداد المدين للوفاء إثباتاً ونفياً هل يمكن في مثل هذا الفرض أن نتصوّر الجُعل في الجُعالة والاجرة في الإجارة بنحوٍ يتوقّف استحقاقهما على التحصيل فعلًا؟