المستفيد من الشيك يتّصل ببنكٍ غير البنك المسحوب عليه ذلك الشيك، فيقترض منه ما يساوي قيمة الشيك ويصبح المستفيد بذلك مديناً بهذه القيمة للبنك الذي اتّصل به، فيحوّله حوالةً على البنك المسحوب عليه، فيكون من حوالة المدين دائنه على مدينه، وهي حوالة صحيحة شرعاً. وأخذ البنك للعمولة في هذا الفرض جائز؛ لأنّه بإقراضه لصاحب الشيك أصبح دائناً له، وصاحب الشيك يريد أن يُحيله على البنك المسحوب عليه، وهو (أي البنك المقرِض) بوصفه دائناً غير ملزمٍ بقبول هذه الحوالة، بل له أن يطالب صاحب الشيك بالوفاء نقداً، فيمكن والحالة هذه أن يجعل صاحب الشيك له عمولةً ومبلغاً خاصّاً لقاء تنازله عن المطالبة بالوفاء النقدي وقبوله بالتحويل، وليس هذا من قبيل ما يأخذه الدائن بإزاء إبقاء الدين وتأجيله ليكون رباً، فإنّا نفرض أنّ الدائن في المقام لا يطالب بمالٍ بإزاء بقاء الدين في ذمّة المدين، وإنمّا يطالب بمالٍ لكي يقبل بانتقال هذا الدين من ذمّةٍ إلى ذمةٍ اخرى بالحوالة.
وهكذا يتّضح ممّا حقّقناه أنّ عملية تحصيل الشيك من بنكٍ غير البنك المسحوب عليه ذلك الشيك يمكن تفسيرها فقهياً بأحد هذه الوجوه الأربعة، وعلى جميع هذه الوجوه يمكن للبنك من الناحية الفقهية أخذ العمولة.
وبما حقّقناه ظهر حال ما أفاده بعض الأعلام[1] من أنّ تحصيل الشيك في محلّ الكلام فرع من فروع الحوالة؛ لأنّ حامل الصكّ يحوّل من يشتريه (أي يحوّل البنك المحصّل) بتسلّم المبلغ المذكور من البنك المسحوب عليه فتجري على ذلك أحكام الحوالة. وقد اختار في الحوالة أنّ البنك لا يجوز له أن يأخذ عمولةً في حالة أخذ شخصٍ منه مالًا وتحويله له على جهةٍ اخرى لتسلّم المبلغ
[1] بحوث فقهية: 116