فكذلك في هذه الحالة يعتبر الشيك حوالةً من المَدين لدائنه على البنك، غير أنّ المحوّل عليه ليس مَديناً للمُحيل، ولهذا يصطلح الفقهاء على ذلك بالحوالة على البريء، وهي عندي حوالة صحيحة تنفذ بالقبول من البنك، فإذا قبل البنك الشيك اعتبر ذلك قبولًا منه للحوالة، فتشتغل ذمّته للمُحال بقدرما كان للمُحال في ذمّة المحوِّل، ويصبح المحوِّل مَديناً للبنك- المحوَّل عليه- بقيمة الحوالة.
فمَديونيّة محرّر الشيك للبنك لا تقوم هنا على أساس الاقتراض لكي يتوقّف على القبض، بل على أساس قبول البنك للحوالة، ولمّا كان البنك بريئاً فبقبوله للحوالة وانتقال دَين المحوِّل إلى ذمّته يصبح دائناً للمحوِّل بنفس المقدار[1].
وهكذا يتّضح أ نّه يصحّ استعمال الشيكات على البنك كأداة وفاءٍ على أساس الحوالة، سواء كان لمحرّر الشيك رصيد دائن في حسابه الجاري، أو كان حسابه الجاري على المكشوف.
وهناك قيود مَدينة يجريها البنك دون تفويضٍ من العميل، كالعمولات المختلفة، واجرة البريد، والرسم الدوري لكشوف الحسابات البيانية.
وكلّ هذا صحيح؛ لأنّ العميل تشتغل ذّمته باجرة المثل للبنك لقاءَ الخدمات المصرفية، بما فيها كشوف الحسابات البيانية، واجرة البريد التي يتكلّفها البنك بأمرٍ صريحٍ أو ضمنيّ موجبٍ للضمان من العميل. وبموجب المقاصّة القهرية بين الدَينين يقوم البنك بخصم قيمة هذه الاجور من الرصيد الدائن لعميله.
[1] بناءً على أنّ المحوِّل يضمن للمحوّل عليه البريء بسبب إشغاله لذمّته الذي يحصل بمجرّد قبول البريء للحوالة. وأمّا إذا كان الضمان بسبب تسبيب المحوّل لتلف المال على البريء خارجاً فلا يكون الضمان فعلياً إلّابعد الدفع.( المؤلّف قدس سره)