وأمّا إذا كانت ضآلة الاحتمال القبلي للقضية المتواترة غير ناشئة عن كثرة البدائل المحتملة للقضية المتواترة، بل عن حساب الاحتمالات في مرحلة أسباب تلك القضية المتواترة، فسوف يكون لها دور إيجابي مضادّ في سير الاستدلال الاستقرائي.
ومثال ذلك: أن يكتب إنسان عربي مائة حرف على ورقة، فيخبر عدد كبير من الشهود- الذين افترضناهم في المثال السابق- بأ نّه قد كتب مائة حرف من حروف اللغة الصينية. ففي هذه الفرضية نلاحظ أنّ الاحتمال القبلي لكتابة مائة حرف صيني ضئيل جدّاً، لا من أجل كثرة اللغات الاخرى البديلة فحسب، بل من أجل حساب الاحتمالات في مرحلة الأسباب، فإنّ كتابة مائة حرف صيني تتوقّف على تعلّم اللغة الصينية، وتعلّم اللغة الصينية ظاهرة نادرة بين العرب.
فإذا افترضنا أنّ في كلّ عشرة ملايين عربي يوجد إنسان واحد تهيّأت له ظروف تعلّم هذه اللغة، فهذا يعني أنّ احتمال معرفة الإنسان الكاتب للحروف المائة للّغة الصينية يساوي واحداً على عشرة ملايين، وأنّ هناك عشرة ملايين احتمالًا يتكوّن منها علم إجمالي، وأكثر القيم الاحتمالية في هذا العلم الإجمالي تنفي معرفة الكاتب باللغة الصينية، وبالتالي تولد قيمة احتمالية كبيرة نافية لكونه قد كتب حروفاً صينية على الورقة.
وفي هذه الحالة تكون لدينا علوم إجمالية ثلاثة:
1- العلم الإجمالي بأنّ الكاتب إمّا كتب حروفاً صينية أو عربية،- ولنفترض من أجل التسهيل: انحصار اللغات في هاتين اللغتين-.
2- العلم الإجمالي بأنّ الشهود الذين شهدوا بأ نّه كتب حروفاً صينية، إمّا أن يكون الدافع المصلحي متوفّراً في واحد منهم، أو في اثنين أو في ثلاثة …
إلى آخرهم. وعدد أطراف هذا العلم هو ناتج ضرب اثنين في نفسه مرّات عديدة