الثاني: أن يحافظ على المدلول التصوريّ وعلى إفادة قصد الحكاية، ولكن يقال: إنّ المقصود حكايته ليس نفس النسبة الصدورية المدلولة تصوّراً، بل أمر ملزوم لها وهو الطلب من المولى، فتكون من قبيل الإخبار عن كرم زيدٍ بجملة (زيد كثير الرّماد) على نحو الكناية.
الثالث: أن يفرض استعمال الجملة الخبرية في غير مدلولها التصوريّ الوضعيّ مجازاً، وذلك بأن تستعمل كلمة (أعاد) أو (يعيد) في نفس مدلول (أعِد)، أي النسبة الإرسالية.
ولا شكّ في أنّ الأقرب من هذه الوجوه هو الأول؛ لعدم اشتماله على أيّ عنايةٍ سوى التقييد الذي تتكفّل به القرينة المتّصلة الحالية.
الثانية: في دلالتها على الوجوب، أمّا بناءً على الوجه الأول في إعمال العناية فدلالتها على الوجوب واضحة؛ لأنّ افتراض الاستحباب يستوجب تقييداً زائداً في الشخص الذي يكون الإخبار بلحاظه، إذ لا يكفي في صدق الإخبار فرضه ممّن يطبِّق عمله على الموازين الشرعية، بل لابدّ من فرض أ نّه يطبِّقه على أفضل تلك الموازين.
وأمّا بناءً على الوجه الثاني فتدلّ الجملة على الوجوب أيضاً؛ لأنّ الملازمة بين الطلب والنسبة الصدورية المصحِّحة للإخبار عن الملزوم ببيان اللازم إنّما هي في الطلب الوجوبي، وأمّا الطلب الاستحبابيّ فلا ملازمة بينه وبين النسبة الصدورية، أو هناك ملازمة بدرجةٍ أضعف.
وأمّا بناءً على الالتزام بالتجوّز في مقام استعمال الجملة الخبرية- كما هو مقتضى الوجه الأخير- فيشكل دلالتها على الوجوب، إذ كما يمكن أن تكون مستعملةً في النسبة الإرسالية الناشئة من داعٍ لزوميٍّ، كذلك يمكن أن تكون مستعملةً في النسبة الإرسالية الناشئة من داعٍ غير لزومي.