المجاز العقلي؛ والمنجِّزية والمعذِّرية ثابتتان عقلًا للقطع الجامع بين الوجود الحقيقيّ والاعتباري.
والصحيح: أنّ قيام الأمارة مقام القطع الطريقيّ في التنجيز وإخراج مؤدّاها عن قاعدة قبح العقاب بلا بيانٍ- على تقدير القول بها- إنّما هو بابراز اهتمام المولى بالتكليف المشكوك على نحوٍ لا يرضى بتفويته على تقدير ثبوته، كما تقدم. وعليه فالمهمّ في جعل الخطاب الظاهريّ أن يكون مبرزاً لهذا الاهتمام من المولى؛ لأنّ هذا هو جوهر المسألة، وأمّا لسان هذا الإبراز وصياغته وكون ذلك بصيغة (تنزيل الظنّ منزلة العلم)، أو (جعل الحكم المماثل للمؤدّى)، أو (جعل الطريقية) فلا دخل لذلك في الملاك الحقيقي، وإنّما هو مسألة تعبيرٍ فحسب، وكلّ التعبيرات صحيحة ما دامت وافيةً بإبراز الاهتمام المولويّ المذكور؛ لأنّ هذا هو المنجِّز في الحقيقة.
وأمّا البحث الثاني: فإن كان القطع مأخوذاً موضوعاً لحكمٍ شرعيٍّ بوصفه منجِّزاً ومعذِّراً فلا شك في قيام الأمارة المعتبرة شرعاً مقامه؛ لأنّها تكتسب من دليل الحجِّية صفة المنجِّزية والمعذِّرية فتكون فرداً من الموضوع، ويعتبر دليل الحجِّية في هذه الحالة وارداً على دليل ذلك الحكم الشرعيّ المرتَّب على القطع؛ لأ نّه يحقِّق مصداقاً حقيقياً لموضوعه.
وأمّا إذا كان القطع مأخوذاً بما هو كاشف تامّ فلا يكفي مجرّد اكتساب الأمارة صفة المنجِّزية والمعذِّرية من دليل الحجِّية لقيامها مقام القطع الموضوعي، فلابدّ من عنايةٍ إضافيةٍ في دليل الحجِّية، وقد التزم المحقّق النائينيّ[1] قدس سره بوجود هذه العناية بناءً على ما تبنّاه من مسلك جعل الطريقية.
[1] فوائد الاصول 3: 25.