بحديثٍ آخر؛ ولذلك صار الإمام بصدد علاج التعارض بين خبرين متعارضين:
أحدهما مخالف مع الكتاب، والآخر موافق معه، فتدلّ على أنّ الخبر المخالف للكتاب الكريم لو لم يكن له معارض لكان حجّةً في نفسه، وهذا يعني أنّ المعارضة الملحوظة بين الخبرين غير المخالفة المفترضة بين الخبر والآية، وليس ذلك إلّالأنّ تلك المعارضة من التعارض المستقرّ، وتلك المخالفة من التعارض غير المستقرّ.
الخامسة: أنّ أخبار العلاج هل تشمل موارد التعارض المستقرّ غير المستوعب كحالات التعارض بين العامَّين من وجه، أوْ لا؟
وقد نقل عن المحقق النائيني[1]– قدس اللَّه روحه- الجواب على ذلك بالتفصيل بين المرجّحات التي ترجع إلى الترجيح بلحاظ السند- وتسمّى بالمرجّحات السندية، كالترجيح بالأوثقية- والمرجّحات المضمونية التي ترجع إلى الترجيح بلحاظ المضمون، كالترجيح بموافقة الكتاب، فاختار رحمه الله: أنّ المرجّحات السندية لا تشمل الفرض المذكور؛ لأنّ تطبيقها: إن كان على نحوٍ يؤدّي إلى إسقاط أحد العامّين من وجهٍ رأساً فهو بلا موجب؛ لأنّه لا مسوِّغ لإسقاطه في مادة الافتراق مع عدم التعارض. وإن كان على نحوٍ يحافظ فيه على مادّتَي الافتراق للعامّين فهو مستحيل؛ لأنّه يستلزم التبعيض في السند الواحد بقبول العامّ في مادة الافتراق ورفضه في مادة الاجتماع، مع أن سنده واحد. وأمّا المرجّحات المضمونية فبالإمكان إعمالها في مادة الاجتماع فقط، ولا يلزم محذور.
هذا ما أردنا استعراضه من بحوث التعارض في الأدلة، وبذلك نختم الجزء
[1] فوا ئد الاصول 4: 792- 793.