المجمع عليه عند أصحابك فيؤخذ به من حكمنا ويترك الشاذّ الذي ليس بمشهورٍ عند أصحابك، فإنّ المجمع عليه لاريب فيه، وإنّما الامور ثلاثة: أمر بيِّن رشده فيُتَّبَع، وأمر بيِّن غيّه فيجتنب، وأمر مشكل يُردّ حكمه إلى اللَّه …».
قال الراوي: قلت: فإن كان الخبران عنكم مشهورين قد رواهما الثقات عنكم؟ قال: «ينظر فما وافق حكمه حكم الكتاب والسنّة وخالف العامّة فيؤخذ به، ويترك ما خالف حكمه حكم الكتاب والسنّة ووافق العامة …» … إلى أن قال الراوي: قلت: فإن وافق حكامهم (اي العامّة) الخبرين جميعاً، قال: «اذا كان ذلك فأرجئه حتّى تلقى إمامك، فإنّ الوقوف عند الشبهات خير من الاقتحام في الهلكات»[1].
وهذه الرواية تشتمل على المرجِّحَين السابقَين، غير أنّها تذكر قبل ذلك ترجيحين آخرين: أحدهما الترجيح بصفات الراوي، والآخر الترجيح بالشهرة، فإن تمّت دلالتها على ذلك كانت مقيِّدةً لإطلاق الرواية السابقة، ودالّةً على أنّ الانتهاء إلى المرجِّحَين السابقَين متوقّف على عدم وجود أحد[2] هذين الترجيحين.
وقد يعترض على استفادة هذين الترجيحين بالصفات وبالشهرة من المقبولة بوجوه:
الأول: أنّ المقبولة مختصّة مورداً بعصر الحضور والتمكّن من لقاء الإمام عليه السلام بقرينة قوله فيها: «أرجئه حتّى تلقى إمامك»، فلا تدلّ على ثبوت
[1] وسائل الشيعة 27: 106، الباب 9 من أبواب صفات القاضي، الحديث الأوّل.
[2] كلمة( أحد) ساقطة عن الطبعة الاولى، وقد أثبتناها طبقاً لما جاء في النسخة الخطيّةالواصلة إلينا.