الحكومة بالبيان المذكور.
وهذا يكشف عن أنّ نكتة تقدّم الأصل السببي على المسبّبي لا تكمن في إلغاء الشكّ، بل في كونه يعالج موضوع الحكم، فكأنّه يحلّ المشكلة في مرتبةٍ أسبقَ على نحوٍ لا يبقى مجال للحلّ في مرتبةٍ متأخّرةٍ عرفاً؛ وهذا يعني أنّ السببية باللحاظ المذكور نكتة عرفية تقتضي بنفسها التقديم في مقام الجمع بين دليلَي الأصلين: السببي والمسبّبي.
7- إذا تعارض الاستصحاب مع أصلٍ آخر كالبراءة وأصالة الطهارة تَقدَّم الاستصحاب بالجمع العرفي. والمشهور في تفسير هذا التقديم وتبرير الجمع العرفي: أنّ دليل الاستصحاب حاكم على أدلّة تلك الاصول؛ لأنّ مفاده التعبّد ببقاء اليقين وإلغاء الشكّ، وتلك الأدلّة اخذ في موضوعها الشكّ، فيكون رافعاً لموضوعها بالتعبّد.
فإن قيل: كما أنّ الشكّ مأخوذ في موضوع أدلّة البراءة وأصالة الطهارة كذلك هو مأخوذ في موضوع دليل الاستصحاب.
كان الجواب: أنّ الشكّ وإن كان مأخوذاً في موضوع أدلّتها جميعاً ولكنّ دليل الاستصحاب هو الحاكم؛ لأنّ مفاده التعبّد باليقين وإلغاء الشك، بخلاف أدلّة الاصول الاخرى.
وهذا البيان يواجه نفس الملاحظة التي علّقناها على دعوى حكومة دليل حجّية الأمارة على أدلّة الاصول، فلاحظ[1].
والأحسن: تخريج ذلك على أساسٍ آخر من قبيل: أنّ العموم في دليل الاستصحاب عموم بالأداة؛ لاشتماله على كلمة «أبداً»، فيكون أقوى وأظهر في الشمول لمادة الاجتماع.
[1] في النقطة الخامسة من تطبيقات الجمع العرفي.